المخرج فيصل الياسري ما بين "القناص" و"الملف"

تاريخ النشر       02/01/2014 06:00 AM


علي عبد الأمير
ساهمت الحصيلة الثقافية المبكرة التي توفر عليها الفنان فيصل الياسري المولود عام 1933، حين عمل صحافيا ابتداء من عام 1948 واصداره مجموعة قصصية بعنوان "في الطريق" ثم رواية "كانت عذراء" 1952 بتوسيع رؤيته قبل ان يتوجه للسينما، حين حصل على درجة في فن الإخراج والإعداد التلفزيونيين من فيينا، ليعود الى بغداد ويعمل عام 1958 مخرجا في تلفزيونها، ثم يغادرها للعمل من 1959-1962 مخرجا في تلفزيون ألمانيا الديمقراطية (الشرقية حينها).
وبعد نحو عقد قضاه مخرجا تلفزيونيا وسينمائيا في سوريا، عاد إلى بلاده مخرجا لفيلم "الرأس" 1976، "النهر" 1977، "القناص" 1979، و"بابل حبيبتي" وأخيرا "بغداد حلم وردي" الذي منع من العرض في العراق رغم انتاجه ضمن تظاهرة بغداد عاصمة للثقافة العربية 2013.


روجيه عساف في "القناص"

للياسري في الجانب الوثائقي، عملان بارزان شكّلا ملمحين في الصورة الوثائقية العراقية سينمائيا وتلفزيونيا. ففيلمه "القناص" صور الفيلم فى لبنان، ليقدم صورة عن الحرب الأهلية من "خلال سلوك القناص (الممثل روجيه عساف) الذى يقتل مقتنصًا بلا رحمة، وخلال ذلك يتم كشف الكثير من المتناقضات الاجتاعية والصراعات فى ظل الحرب الأهلية اللبنانية، حيث يدور صراع دموى بين الأطراف دون هوادة أو رغبة فى أن تتوقف حمامات الدم". بل هو "وثيقة حية تصور صفحة من صفحات الأحداث الدامية والقوى المتصارعة التي تجعل من عناصرها قتلة هواة كانوا أم محترفين".


وعن المشاركة الوحيدة للراحل الكبير نزار قباني في السينما عبر فيلم "القناص"، يقول المخرج فيصل الياسري:
"كنت أريد أن أضمن الفيلم مقاطع من قصيدة نزار قباني "يا ست الدنيا يابيروت"، وكانت مهمتنا اقناع الشاعر أن يمثل في فيلمي، أن يظهر في مشهد وهو يقرأ مقاطع من قصيدته تلك أمام جمع من الناس وأن يدخل معه في نقاش وحوار حول بيروت التي يعشقها. طرقنا باب المنزل ففتحته لنا زوجته العراقية بلقيس الراوي، وأوسعت لنا الطريق ببشاشة ثم جاءنا صوت نزار قادما نحونا مرحبا. وقادنا إلى صالة الضيوف بينما توجهت السيدة بلقيس إلى الداخل وهي تبشرنا بانها ستعد لنا بنفسها الشاي العراقي المعطر".
معلوم إن بلقيس الراوي، أم عمر وزينب قباني، قتلت في تفجير السفارة العراقية ببيروت 1982 ورثاها نزار قباني في قصيدة يدين فيها اغتيال الانسان العربي والشعر والحضارة.



وبحسب الياسري أيضا "استهوت فكرة فيلم "القناص" نزار قباني، وكانت مبنية على خبر سمعته ذات يوم من "راديو مونت كارلو" مفاده "كان الوضع هادئا نسبيا هذا اليوم في بيروت ولم يسقط سوى قتيل واحد برصاص قناص من احدى البنايات"، وقد بنيت سيناريو الفيلم على تلك الحادثة. على القانص والمقنوص، وجعلت المقنوص يخرج من أمسية شعرية يستمع بها الى شعر نزار قباني فيرصده قناص عبثي من فوق السطوح ويرديه قتيلا فيكون الضحية الوحيدة ذلك اليوم في بيروت".
وعن تفاصيل التي رافقت ذلك الظهور السينمائي لقباني يقول الياسري "كانت المرحومة بلقيس الراوي عونا لنا في اقناع نزار قباني بالمشاركة في فيلم "القناص" وقد وصل حماسه إلى درجة أن كتب مقطعا إضافيا للقصيدة استوحاه من جو أحداث الفيلم. كان صبورا معنا أثناء التصوير الذي استغرق ثلاثة أيام بسبب تكرار انقطاع التيار الكهربائي في المركز الثقافي العراقي في بيروت حيث كنا نصور مشاهد الأمسية الشعرية".

إعلام مغاير
والعمل الوثائقي البارز الثاني في سيرة الياسري كان متمثلا بـ"برنامج الملف" الذي أدار فيه فريقا أخرج فيه التلفزة العراقية من نمطيتها القاتلة ودعايتها الفجة، لتنتقل إلى ميادين المجتمع حكما ومواطنينن بحثا عن صورة الأهوال التي عنتها مئات الآلاف من القذائف التي اسقطتها دول التحالف لتدمير العراق في حرب 1991 عقابا عن إحتلال صدام للكويت.

في "الملف" كان الياسري الذي قدم البرنامج بطريقة لم تألفها العين سابقا، يعتمد على السرد اليومي للحرب التي حققت هدفها في "إعادة العراق إلى ما قبل عصر الصناعة" كما توعد بذلك وزير الخارجية الأميركي جيمس بيكر، فضلا عن حوارات مع مسؤولين حكوميين وقادة عسكريين وفق اسلوب لم يعهده المواطن العراقي من قبل، فثمة نقاش وليس مجرد تلقي لمعلومات مسبقة وأفكار ثابتة مكررة. ليس المضمون كان هو الجديد وحسب في وثائقي "الملف"، بل طريقة الإخراج والتقديم بل حتى الثيمة الموسيقية.




 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM