حوارات  



المايسترو فؤاد فاخوري: غربية موسيقاي لن تتمكن من جذوري العربية

تاريخ النشر       17/11/2009 06:00 AM



المايسترو فؤاد فاخوري: غربية موسيقاي لن تتمكن من جذوري العربية
عمّان -حاوره: علي عبدالامير

قاد المايسترو الشاب فؤاد فاخوري اوركسترا وكورال المعهد الوطني للموسيقى في حفل موسيقي ينوه بموهبة اردنية لامعة تتمثل في قدرات المؤلف الشاب زيد ديراني وكما تظهرها اعماله التي اندرجت تحت عنوان "احلام القلعة" حيث كان الحفل بين مشاهد قلعة عمّان الاثرية.
وكان فؤاد فاخوري بدأ دراسته الموسيقية بتعلم العزف على البيانو ولما يبلغ الخامسة من عمره، وحصل على درجة البكالوريس في التأليف الموسيقي والنظريات الموسيقية من جامعة ولاية وست تكساس، بعد ذلك انتقل الى جامعة ولاية بنسلفانيا حيث حصل على درجتي ماجستير واحدة في التأليف الموسيقي وثانية في قيادة الاوركسترا، ويتابع حالياً دراسته لنيل درجة الدكتوراه في التأليف الموسيقي من جامعة نورث تكساس.
عمل فؤاد فاخوري كقائد لعدد من الفرق والمجموعات الموسيقية الصغيرة والكبيرة في الولايات المتحدة الامريكية، ففي صيف 1997 عمل كقائد اوركسترا مساعد للمايسترو بوتشي جيانغ في مهرجان بنسوود الموسيقي، كما قاد فاخوري اوركسترا المعهد الوطني للموسيقى كقائد زائر في عدد من المناسبات من بنيها حفل الاوركسترا في مهرجان جرش 1995.
اما الموسيقى التي يؤلفها فؤاد فعزفت من قبل العديد من الاوركسترات والفرق الجامعية في الولايات المتحدة الامريكية عزفت اوركسترا شبيبة فيلادلفيا مقطوعة "نيوباروك للآلات الوترية" لاول مرة في مركز شبيبة فيلادلفيا بقيادة دافيد اوسبون، اما معزوفته الموسيقية "تحت الانقاض" والتي الفها لاوركسترا كبيرة فقد نالت الجائزة الاولى في مسابقة التأليف الموسيقي التي نظمتها جامعة ولاية بنسلفانيا منذ عامين وقامت الاوركسترا الفلهارمونية لجامعة ولاية بنسلفانيا بعزفها وتسجيلها.
كما شارك بمدينة فايمر الالمانية (العاصمة الثقافية الاوربية لعام 1999) في مهرجان "وست ايسترن ديفان" وحظي هناك بدورة تدريبية في فن القيادة الموسيقية على يد المايسترو ذائع الصيت دانيال بارينبويم.
عن الملمح العربي لدراسته الموسيقية وعلاقتها بأصوله الثقافية والموسيقية والوجدانية العربية والواقع الموسيقي في الاردن والوطن العربي سألنا فؤاد فاخوري فكان هذا الحوار:
* نشأت في بيئة محلية عربية وعرفت الموسيقى واجواءها ثم انتقلت الى بيئة غربية مختلفة عن نشأتك، هل اختلفت علاقتك بالموسيقى وكيف؟
- للاجابة عن هذا السؤال، من الضروري الحديث عن نشأتي الموسيقية، لقد ترعرعت في العالم العربي حين بلغت السابعة عشرة من عمري قبل ان اغادر الى الغرب واباشر تخصصي العالي في الموسيقى، نشأتي وثقافتي العربية تأصلتا في سماع الموسيقى العربية بزخارفها وتفصيلاتها وتموجاتها ونغماتها المتحركة ومقاماتها المتغيرة.
ان سماع المؤذن خمس مرات في اليوم يكفي لان يطبع في الانسان غنى التراث النغمي العربي اضف الى ذلك الاستماع الى الراديو حتى في التاكسي ومشاهدة التلفزيون حتى ولو لم اكن محبي التسمر امامه، ان موسيقى ثقافتنا هي حولي دائماً، والواحد منا يولد ويشب غير قادر على عدم التأثر بها، انني انحدر من عائلة موسيقية سبقني ابي وجدي وجد ابي اليها، وهذا ايضاً واقع لا يمكن الهروب منه، وقد رسخني بالارض التي انا منها.
ومع انني درست  البيانو منذ سن الخامسة وتابعت نحو التأليف الموسيقي المتخصص في الغرب، فانا كقطعة النقد لي وجهان واحد عربي وآخر غربي، والفاصل بين حدود الوجهين تجدل وغلبت عليه الضبابية فصعب معه التفريق بينهما.


المايسترو والمؤلف الموسيقي فؤاد فاخوري

*كموسيقي هل لك ان تصف حال الموسيقى العربية الان؟
- كموسيقي تلقى معظم تدريبة في الفن الموسيقي الغربي فانني لا اعتبر نفسي خبيراً في الموسيقى العربية ولكنني اعرف ماذا احب، انني احب وبكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى الموسيقى العربية التقليدية القديمة، انني احب موسيقى السنباطي وقصائد ام كلثوم والقدود الحلبية التي يؤديها بببراعة فائقة صباح فخري وصوت وديع الصافي واسلوبه الرائع واسلوب عزف العود الخاص بالمرحوم منير بشير.
انني لا احب النزعة الجديدة التي تسيطر على الموسيقى العربية اليوم والمتأثرة بالنجم "البوب"، حيث تطغى نجومية الفنان على اي شيء اخر، النجوم في الغرب او في الشرق امر مقبول ومستحب جماهيرياً، ولكن كما في ثقافات العالم الاخرى علينا ان نصون ونحترم ونغذي تقاليدنا وموسيقانا الاصلية وان لا نعتبر ان موسيقى "البوب"، اكانت عربية ام غربية هي ممثل الثقافة الموسيقية للحضارة العربية او الغربية.
* لو توفرت لك فرصة اقامة مشروع موسيقي عربي ناجح فمن اي ستبدأ وقبل ذلك هي ترى امكانية نجاح ذلك المشروع؟
- ربما الجواب على هذا السؤال هو في تطوير منهج موسيقي عربي يعمم على كامل الاراضي العربية يبدأ بالصغار ويستمر معهم حتى شبابهم، ويهدف الى تنمية ذوقهم الموسيقي وتطويره من خلال تعريفهم بالتراث الموسيقي العربي وتحسيسهم بغناه وعراقته الى درجة تجعلهم يتباهون به وتمكنهم من التفريق وباستمرار بين الجيد والاقل جودة.
ان نجاح هذا المشروع يعتمد على عوامل ابعد من الموسيقى وبشكل اساسي على التفاهم والتعاون بين الدول العربية في موضوع الثقافة بشكل عام.
* الى جانب التأليف الموسيقي وقيادة الاوركسترا السمفوني، اكتملت بعض ملامح تجربتك الموسيقية، اي دور تراه للموسيقى الغربية (الكلاسيكية) كما اصطلح على تسميتها في مجمعاتنا وثقافتنا على المستوى العربي؟
- في عالمنا الدائم التقليص باتجاه المفهوم المسيطر حديثاً والقائل بالكرة الارضية قرية واحدة، نجد انفسنا عرضة لوابل من المعلومات، وبامكان الواحد منا اليوم الحصول على عينات من كل نوع من الموسيقى في العالم بواسطة الانترنت. والفن الموسيقي الغربي واحد من عدة انواع من الموسيقى في العالم اليوم، له جمهوره والمعجبين به، ونجد بعض الناس يتابعونه لا حب به وانما للدلالة على انهم ينتمون الى طبقة اجتماعية ارقى.
ولا يقتصر الفن الموسيقي الغربي على المجتمعات الغربية، بل انه مسموع في كافة اقطار العالم وفي مجتمعات تعتبر الثقافة الغربية غريبة عنها كمجتعنا العربي، وقد تمكن افراد من هذه المجتمعات من ترك بصماتهم على هذا الفن.
وضمن حقل التأليف الموسيقي، كنت محظوظاً ان ادرس في مؤسسات تعليمية امريكية حيث كنت حراً في تقرير وابداع وتحوير لغتي الموسيقية، ولم اكن ملزماً في اي وقت من الاوقات بتبني اسلوب اي مؤلف آخر، وعلى الرغم من انني عربي من منطقة الشرق الاوسط واؤلف في مجال فن الموسيقى الغربية المعاصرة، الا ان تعبيري الموسيقي يبقى عربياً، ومن يستمع الى ما اكتبه من موسيقى يدرك فوراً من اي منطقة من العالم اتيت.
* ها انت في الاردن مجدداً، هي ان هناك اختلافاً في الحياة الموسيقية الاردنية عما هي في غيره من البلدان العربية، كلبنان مثلاً!
- لم اشعر او اعتبر يوماً انني غريب في الاردن، لقد امضيت وما زلت امضي معظم وقتي في الاردن، ولكوني ما زلت طالباً فقلما تسمح ظروفي بالاستقرار في مكان واحد، انني دائم التنقل بين الولايات المتحدة الامريكية والاردن ولبنان، ولكن ما من شك بان الحركة الموسيقية في الاردن تشهد تطوراً ملحوظاً منذ اثنتي عشرة سنة، اذ قلما يمر اسبوع في عمّان لا يكون بمقدور المرء فيه الخيار بين حضور ثلاث او اربع امسيات موسيقية، كما وان التنوع في الامسيات الموسيقية ملفت حيث الخيارات لا بأس بها بين فنون الموسيقى العربية والغربية اكانت من اداء متقن محلي او مستقدم من الخارج.
ونلاحظ الامر نفسه في لبنان، فقد شهد لبنان مؤخراً حفلات موسيقية ذات مستوى فني رفيع وبتوقيع فرق وفنانين كبار من امثال كاريراس وبافاروتي وقريباً بلاسيدو دومينجو وآخرين، وهذه الحفلات تسترعي اهتمام وحضور اناس من الاردن وسوريا ولبنان.
* نشر الحوار في صحيفة " الرأي" 17/7/1999


 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM