حوارات  



كفاح فاخوري: تعريب الموسيقى الغربية ليس تجديداً وانما دعوات عشوائية

تاريخ النشر       17/11/2009 06:00 AM


الامين العام للمجمع العربي للموسيقى كفاح فاخوري:
تعريب الموسيقى الغربية ليس تجديداً وانما دعوات عشوائية
حاوره و صوره: علي عبد الامير


اكتسب المعهد الوطني للموسيقى، دوراً تربوياً وثقافياً بارزاً، فتحول المعهد الى حاضنة لابرز الفعاليات الموسيقية الثقافية في الاردن، وتحولت عمّان الى نقطة جذب لعديد من اسماء الفن الموسيقي الرفيع عربياً وعالمياً بفضل حركة دؤوبة متناغمة يديرها كقائد اوركسترا الفنان كفاح فاخوري، الذي ظفر بعنصر مسؤولية يتوقع ان تنعكس ايجابياً على المعهد الوطني وموقع الاردن موسيقياً في المجمع العربي للموسيقى، حيث فاز بمنصب الامين العام للمجمع خلفاً للفنان الراحل منير بشير.وجاء انتخابه خلال اعمال الاجتماع الخامس عشر للمجمع العربي للموسيقى الذي انعقد في عمّان من 2-5 اذار 1998، وعن اعمال المجمع عن حال الموسيقى العربية، عن الفنان فاخوري مؤلفاً موسيقياً، وعن دور الاعلام وعن خطط مستقبلية يراها كان هذا الحوار:

• لفترة طويلة عاش المجمع العربي، للموسيقى دوراً استشارياً، هل في خطتكم نقل ذلك الدور الى مستويات تربوية وتطبيقية في ميادين الموسيقى في غالبية الدول العربية؟

- لا يمكن للمجمع ان يتخلى عن دوره الاستشاري لان من صلب المهام التي يضطلع بها منذ نشأته سنة 1971، والدور الاستشاري ضروري وهام في المبادرة لتحديد موقف صحي من التوجهات التي تفرض نفسها على ارض الواقع، ويجب عدم اقتصار دور المجمع على الاستشارة بل ان عليه ان يوجد الانموذج ومن ثم يترك الاخرين ينسخون عن هذا الانموذج كل بحسب امكاناته وابداعاته واحتياجاته، واعطي مثالاً:الغربية والتي يعتبرها البعض تجديداً في حين انها في الواقع خبطات عشوائية، والمجمع لم يقف يوماً ضد اي محاولة رصينة تستند الى الدراسة والعلم ولاسيما اذا كان صاحبها واعياً للتراث ومستنداً الى الجذور التي تنطلق منها محاولته.


امين عام المجمع العربي للموسيقى كفاح فاخوري
 
• تتحدثون في ندوات المجمع العلمية والثقافية عن تحديات تواجه الموسيقى العربية الاصيلة، ما هي رؤيتك الشخصية لتلك التحديات، وما هي وسائل مواجهتها والتعامل معها، هل ثمة مشروع في هذا الصدد؟

- التحديات التي تواجه الموسيقى العربية الاصيلة تتلخص في الحفاظ على هذه الموسيقى حية في الحاضر والمستقبل ومصونة من التيارات الدخيلة التي تطمس هويتها مع الوقت، والمشروع الذي ينوي المجمع تبنيه لهذه الغاية سيكون على مراحل وقد وردت في التوصيات الاخيرة التي صدرت عن الاجتماع الخامس عشر انشطة المرحلة الاولى من بينها تنظيم المسابقات في العزف والغناء والتلحين وتكوين فرقة موسيقية عربية قوامها ابرز الموسيقيين الشباب من جميع الاقطار العربية الذين يفوزون بالمسابقات المذكورة آنفاً ومنح الجوائز التشجيعية في مجال البحث الموسيقي وبخاصة البحث الموسيقي العربي وانشاء موقع خاص باملجمع على شبكة الانترنت يقدم خدمات الاتصال بشأن نشر الموسيقى العربية الاصيلة وتعميمها وانجاز اقراص كمبيوتر تتضمن عناصر المادة الموسيقية العربية لتكون في متناول الدراسين ولاسيما الصغار منهم.

• قدمتم شخصياً عبر ادارتكم للمعهد الوطني للموسيقى تجربة فنية وتربوية ناجحة اتسمت بالمرونة والانفتاح على فنون الاخرين، دون ان تتعرض الاصالة العربية الى تهديد كما يشاع، هي سنجد الملامح ذاتها في ادارة حيوية لكم للجمع العربي؟

- طبيعة المجمع العربي للموسيقى والغايات التي انشئ من اجلها تختلف عن طبيعة المعهد الوطني للموسيقى وغايته  وان كان هناك من تداخل بينهما مع الاخذ بالاعتبار موقع ومقام كل منهما، وبناء عليه فان المرونة والانفتاح في المجمع لن تكون نفس مرونة المعهد وانفتاحه، ولا ننسى بان العمل في المجمع يقتضى توافق الدول العربية وهذا الامر غير مطلوب في حالة المعهد، وكلمة خق تقال بانني قد لمست من الاخوة الاعضاء في المؤتمر العام للمجمع ومن الامانة العامة لجامعة الدولي العربية التي كانت ممثلة بمندوب رفيع المستوى منها استعداداً لافساح المجال امام هيئة رئاسة المجمع وامانته العامة للعمل دون اي معوقات.


• كان للفنان الراحل منير بشري اثر "الايادي البيضاء" كما قلتم وانتم تصفون عمله في المجمع العربي للموسيقى، هل ستنطلقون من بعض ثوابت عملية وفنية ابقاها الراحل في عمل المجمع وتوجهاته؟

- المرحوم منير بشير مدرسة قائمة بذاتها في مسار الموسيقى العربية، وتبني فكره النير لن يكون الا في مصلحة الشخص او الجهة التي تتبنى هذا الفكر، انني شخصياً من المؤمنين بان المؤسسات تتطور افضل تطور حين يكمل الخلف ما بدأة السلف وخلاف ذلك يبقى المؤسسات تراوح مكانها، واي شخص برأ محضر الاجتماع الخامس عشر الذي عقده المجمع العربي للموسيقى في عمّان مؤخراً سيجد ان روح منير بشير باقية رغم غياب جسده.

• هل يخشى الفنان كفاح فاخوري من تراكم اعباء الادارة في المعهد الوطني للموسيقى والمجمع العربي للموسيقى على قدرته في متابعة نتاجه الموسيقي الخاص وما كتبه الفنان فاخوري اخيراً؟

- ما من شك بان اعباء الادارة تعيق متابعة الموسيقي لنتاجه الخاص، ولكن العمل الاداري المستند الى روح الفريق وتفويض الصلاحيات يفسح المجال امامه لاعطاء بعض الوقت لاهتماماته الشخصية، هذا من جهة ومن جهة اخرى فان عملي في المعهد وفي المجمع ليس عملاً ادارياً بحتاً بل يندرج تحت ما يمكن تسميته الادارة الفنية حيث التحديات الكبيرة وفرص الابداع لا تنقطع ولقد قررت منذ زمن بعيد الغاء الانا الفردية والانضمام الى فئة البشر التي تعمل على الاسهام في بسط الارضية المناسبة للاجيال القادمة حتى تشبع تلك الاجيال آنويتها في ظروف افضل من الظروف التي عشتها وعاشها جيلي ومن سبقنا.
اما ما كتبته اخيراً، فبالاضافة الى اسهامي مع فريق عمل من المعهد في تأليف المواد التعليمية لمبحث الموسيقى والاناشيد لصالح وزارة التربية والتعليم فقد الفت كتابين موجهين للناشئة بشكل رئيسي يعرفان بالات الاوركسترا وبالالات المستخدمة في الموسيقى العربية، ومرفق بكل كتاب شريط كاسيت يوثق اصوات هذه الالات، كما سيصدر لي ايضاً كتاب "اغاني الرياضة" ومرفق به ايضاً شريط كاسيت، وهو كتاب موجه للطلبة في المدارس حيث يربط مادة الموسيقى بمادة الرياضة وهو جزء من سلسلة تربوية تربط الموسيقى بالمواد التعليمية الاخري التي يدرسها طلبة المدارس في العالم العربي، ناهيك بانني مستمر في قيادة وتدريب فرقة موسيقية اسستها منذ سنة 1983.

• للمجمع العربي للموسيقى مجلة متخصصة، الا انها تتوجه لنخبة النخبة، هل يمكن للمجمع ان يعمق تأثيره (الشعبي) اعتماداً على مجلة فنية رصينة ليس بالضرورة ان تكون نخبوية وصارمة الملامح؟

- تعاني مجلة الموسيقى العربية التي يصدرها المجمع العربي للموسيقى مشكلة مزمنة فالباحثون المتخصصون في العلوم الموسيقية يعتبرونها دون طموحاتهم والقارئ العادي يعتبرها خارج دائرة اهتمامه والمهتم في الموسيقى بشكل عام يعتبرها جافة، وهي وان كانت بالفعل مجلة متخصصة الا ان السؤال ووفق ما اسلفت يبقى قائماً: هل هي فعلاً موجهة لنخبة النخبة؟ لقد كانت المجلة هاجس اكثر من مؤتمر عام للمجمع العربي للموسيقى وفي المؤتمر الرابع عشر الذي انعقد في عمّان العام الماضي شكلنا لجنة للنظر في هذه المجلة وللاسف لم تتمكن اللجنة من الاجتماع الا مؤخراً.
وتوجه الجميع من خلال هذه النخبة سيكون اصدار مجلتين واحدة تصدر مرتين في السنة وتهتم بالبحث الموسيقي وبخاصة بحوث الموسيقى العربية وهي مجلة علمية للجامعيين والاكاديميين من طلبة واساتذة واختصاصيين، اما المجلة الثانية فستكون مجلة تثقيف موسيقي عام موجهة للموسيقيين على اختلاف تخصصاتهم وللقارئ المهتم بالموسيقى على حد سواء، وستكون في اخراجها وحجمها مشابهة للمجلات الشهرية الثقافية، وستكون بالمناسبة مجلة شهرية تتغذى من المبيعات والاشتراكات والاعلانات للاستمرار، وهدف هذه المجلة التوعية الموسيقية العامة.

• شخصياً كفنان موسيقي وتربوي من خلال عملك في المعهد الوطني للموسيقى، اي دور للاعلام تراه في خدمة الذائقة الفنية الرفيعة؟ وما تقييمك لتخصيص فسحة خاصة على صفحات جريدة "الرأي" عنت بالتعريف بما هو جاد ورصين ومؤثر من احداث وفعاليات موسيقية عاشتها المواسم الثقافية لمدينة عمّان خلال السنوات الثلاث الماضية؟

- ما من شك بان الاعلام يؤثر في قناعات الجماهير واحكامهم، واجهزة الاعلام مسؤولة الى حد كبير عن تحديد المسارات بشكل عام، وصحيفة "الرأي" من خلالكم مشكورة لانها تفرد وباستمرار حيزاً لمقالات تغطي الامسيات الموسيقية التي ينظمها المعهد الوطني للموسيقى. لقد جعلت هذه المقالات القارئ متنبهاً اي هذا النوع من النشاط الثقافي الرصين، عارفاً به ومتقبلاً له ومستفيداً ايضاً مما يرد في هذه المقالات من معلومات موسيقية عامة، وقد اسهمت هذه المقالات في تحفيز عدد من القراء على حضور مثل هذه الامسيات، وفي نظرنا هذه شمعة مضيئة وبتكاثر الشموع تضاء العتمة.
واجهزة الاعلام متنوعة وعديدة من الصحافة الى التلفزيون والقنوات الفضائية الى الاذاعات والانترنت حديثاً، تخيل مثلاً ان يقتصر تقديم احدى الشركات التلفزيونية او القنوات الفضائية على الاغاني المستهلكة دون سواها، لن يمضي وقت طويل الا وتجد متتبعي هذه الشركة او القناة قد اصبحوا يقيسون ويقيمون كل ما يصل الى اسماعهم في مجال الموسيقى من منظور اعجابهم بالاغاني التي تبثها لهم تلك الشركة او القناة، عمل الاعلام في نظري مثل عمل الحداد الذي يدق صفائح الحديد فاما ان يسطحها لمجرد التسطيح واما ان يصنع منها ما يفيد.
* نشر الحوار في "الرأي" 17-3-1998


 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM