حوارات  



وداد القاضي : الاستشراق فكر تضاربت حوله الآراء

تاريخ النشر       14/12/2009 06:00 AM


حاورها في عمّان- علي عبد الامير
تقر الباحثة الامريكية من اصل لبناني وداد القاضي في ان "الاستشراق، فكر تضاربت حوله الآراء" إلا انها لا تستسلم للآراء المختلفة، لتصل الى " لا موضوعية الفكر الاستشراقي" كما يدفع الى ذلك، غير صوت عربي ومسلم، وانما تؤكد على "علمية البحث الاستشراقي" وجذوره العميقة. "الرأي الثقافي" يحاور هنا استاذة الادب العربي القديم في جامعة شيكاغو :
 
*لا تخلو نظرة الثقافة العربية من ريبة وحذر الى الاستشراق، كيف ترين البواعث الفكرية والمعرفية للعلم التاريخي والاجتماعي الذي "يقرأ" صورتنا ويوضحها لدى الغربي ؟ 
- حقل الاستشراق معقد وتاريخه طويل، وثمة مشاعر متضاربة بشأن الاستشراق، فبعض الباحثين العرب يشك بنوايا المستشرقين، وآخر يقر بالاستشراق كعلم، وثالث، وسطي يقول انه ليس من الانصاف ابقاء التعميمات على الاستشراق، فهو حقل فكري يزيد عمره عن 200 عام.              
اذا نظرنا الى ما قدمه الاستشراق (من الناحية الايجابية )، فاننا نجد ان اول طبعة للقرآن كانت في الغرب، واول موسوعة اسلامية طبعت في الغرب، واول محاولة لانشاء مجلات متخصصة في الشؤون الشرقية، واول من حقق التاريخ العربي، واول كتاب في الحديث، التفسير، الطب والادب، كلها طبعت في الغرب وبتأثير مباشر من المستشرقين. اما من ( الناحية السلبية ) فلا شك ان بعض المستشرقين مرتبطون بحكوماتهم، وان بعض الدبلوماسيين ممن درسوا التاريخ الاسلامي، قدموا معلومات افادت حكوماتهم، نعم بعض المستشرقين، يتعصبون ضد الدين الاسلامي، ولم يكونوا على موضوعية كافية، لكن كل هذا يدلنا الى انه ليس من الممكن التعميم، وليس من الممكن القول : هل الاستشراق نعمة او نقمة ؟ انه مثلنا، فينا هذا الصالح، وفينا ذاك الطالح. 
 
* "مؤتمر الاستشراق : حوار الثقافات" يقام في لحظة تزداد فيها الفجوة بين الغرب وبين العرب والمسلمين، كيف تجدين تطابق فكرة المؤتمر وعنوانه ؟                     
- ميزة هذا المؤتمر، انه يقام في لحظات حرجة نسمع فيها صليل السيوف، وما نخشاه هو ان يتطور هذا الصليل الى ما لا يحمد عقباه، البديل ان يتحاور المختلفون فيما بينهم، والمزيد من الحوار، ان نؤكد على فهم احدنا للآخر، وليس معنى الحوار ان نتفق على كل شيء لكن الحوار افضل من ان نظل بعيدين، كل منًا عن الآخر، علينا ان نعرف ماذا يفكر الآخر، ان نستفيد ونفيد في الوقت ذاته.                                      
ان صوت صليل السيوف حين يعلو، يؤدي الى استعمال صاحب القلم في غير موقعه او محله، ولو نظرنا الى قصيدة ابي تمام في مديح فتح المعتصم لعمورية ( السيف اصدق انباء من الكتب / في حده الحد بين الجد واللعب )، لوجدنا ان ارجحية السيف على القلم او الفكر، ليست ظاهرة حديثة، لكن ماذا نفعل ؟ نحن مفكرون وعلينا ان نظل مستمرين، نتحاور وندرٍس الفكر لطلابنا وان نستمر على هذا النهج حتى يأتي جيل جديد يتمم المسيرة. لو سلم المفكرون امرهم لاصحاب السيوف لإنتهى الفكر على المدى البعيد، بل لإنتهى مع الفكر، التاريخ الانساني، نعم الفكر يغير المجتمع ولكن نتائج التغيير لا تبدو قريبة، وان كان حصولها حتميا. 
 

 
     
*هل كان لوجودك الانساني والفكري العربي في الغرب تأثير في مشاعر اغتراب حقيقية عن بيئتك الجديدة ؟            
- لم اشعر بذلك، فبعد ان هاجرت كنت قد درست اعمال المستشرقين، وتعرفت على نمط من معرفة الآخر بنا منذ ان كنت في المرحلة الجامعية الاولى في ( الجامعة الامريكية ببيروت ) ثم الماجستير والدكتوراه، مع ذلك احتجت وقتا طويلا كي اتحدث مع زملائي في امريكا على الموجة الصوتية نفسها، والنقاش على ذبذبة واحدة، هذا اخذ مني وقتا طويلا في ( جامعة شيكاغو ) التي اعتز بالانتماء اليها، لا سيما ان فيها من اقسام الدراسات العليا ما هو اكبر من الدراسات الاولية، وهي من جامعات البحث العلمي، وفيها اكبر عدد من الفائزين بجائزة نوبل، كما في جامعتنا اثنتان فازتا بجائزة الملك فيصل، الاولى امريكية عن دراستها في علم الوراثة عند الاطفال والثانية هي انا عن دراستي في الادب العربي القديم.     
* لو كنت في موقع يمكنك فيه ان تنصحي انسانا في الغرب كي يعرف العرب والمسلمين جيدا، فماذا تنصحينه ان يدرس ؟                                                   
- سانصحه بدراسة اللغة العربية، ان يقرأ ( مقدمة ابن خلدون ) وقبل ذلك ان يقرأ القرآن الكريم، وكتاب البرت حوراني عن الفكر العربي الحديث، ان يدرس كل ما له علاقة بالتاريخ والحضارة عند العرب والمسلمين، ولو تيسرت ظروفه فعليه ان يزور المنطقة ويتعرف على وقائع مجتمعاتها جيدا. 
* قرأت الفكر العربي جيدا، ما هي ازمة فكرنا المعاصر ؟
- أزهى فترات الحضارة العربية، هي عندما كانت حضارتنا منفتحة على الحضارات الاخرى، غير متزمتة، تؤثر ولكنها غير متخوفة من التأثير، لا تشعر بالنقص ولا تسعى الى ان تفرض لغتها، بل تعلم جيدا ان الحضارة تفرض لغتها، لو استقينا هذه الصورة الزاهية في الحضارة الاسلامية، وادخلناها وعينا الفكري هذه الايام، واهتدينا بها فهذا يجعلنا غير بعيدين عن تلك الفترة الزاهية، ولا اعتقد ان الانغلاق يؤدي الى حيوية ما.
  
* نشر الحوار في "الرأي" الاردنية 22 تشرين الثاني 2002


 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM