نقد فني  



بعد فيلمه عن إعصار كاترينا: المخرج سبايك لي يوثق خليج الوجع الاميركي ثانية

تاريخ النشر       12/10/2010 06:00 AM


 علي عبد الأمير

قبل اربع سنوات حمل المخرج الاميركي سبايك لي كاميراته الى نيو اورليانز لتوثيق الكوارث التي جلبها "إعصار كاترينا" العام 2005 وماتركه من آثاره وخيمة ما انفك الناس في الولاية المطلة على خليج المكسيك يعانون منها، وصورها في فيلم وثائقي حمل عنوان "عندما انكسرت السدود : قداس في أربع  حركات"  جاء في أربع ساعات ونال اهتماما واسعا توج ببعض الجوائز.
ومع اقتراب الذكرى السنوية الخامسة لاعصار كاترينا هاهو صاحب فيلم "إفعل الشيء الصحيح" يعود الى نيو اورليانز على امل تصوير حكاية عن انتعاش المدينة  وتجدد الحياة فيها، لكنه بدلا من ذلك ، صور فيلما وثائقيا جديدا حمل عنوان  "باذن الله واذا لم ترتفع مياه الخور" وعرضت أول ساعتين منه على تلفزيون "أتش بي أو" المستقل  على ان تعرض الساعتان الاخريان في الاسبوع المقبل ضمن سياق توثيقي وتعبيري بدا إلى حد كبير متصلا بالفيلم  السابق " عندما انكسرت السدود"، وان  تضمن فضلا عن تداعيات كاترينا، التسرب النفطي الذي غمر ساحل خليج المكسيك وهو مابدا للمخرج لي  وفريقه فرصة مثالية للتذكير بالاهوال التي تعيشها المنطقة منذ سنوات وما يكابده اهلها لاستعادة حيوية لطالما ارتبطت بالسياحة الثقافية بعامة وفنون موسيقى الجاز بخاصة.
ويرى سبايك لي انه بعد فيلمه السابق "عندما انكسر السدود" قرر العودة الى نيو اورليانز  تزامنا مع الذكرى السنوية الخامسة لاعصار كاترينا الذي حطم السدود المانعة لمياه البحر من الدخول الى المدينة، عله يصنع فيلما عن مستوى الانتعاش في  حياة المدينة، لكن ايقاع الفيلم تغير بسبب كارثة جديدة شهدتها المنطقة ذاتها فيما كان فريق العمل في المكان ذاته، كارثة التسرب النفطي التي شملت
مناطق واسعة من ساحل خليج المكسيك.


سبايك لي بقيمص يحمل عنوان فيلمه الوثائقي الجديد: "باذن الله واذا لم ترتفع مياه الخور"
 
ويلفت المخرج المثير للجدل في حديث الى صحيفة "نيويورك تايمز" انه لن ينسى مشاهد مواطنين اميركيين  كانوا يقفون فوق سطوح منازلهم، وهم يرفعون لافتات تقول، ساعدني، انقذني، في اشارة الى مشاهد التداعيات الانسانية لاعصار كاترينا، والنقد الغاضب الواسع الذي تعرضت اليه حينها ادارة الرئيس بوش بسبب بطء اجراءات انقاذ المدينة واهلها،  ولذا كان سبايك لي خطط الى اجراء مقابلات مع الرئيس السابق بوش ونائبه تشيني، ومهندس سياسات البيت الابيض الجمهوري كارل روف، فضلا  عن مستشارة الامن القومي ثم وزيرة الخارجية  كوندوليزا رايس، لكن لا احد منهم وافق على الظهور في الفيلم بل حتى حاكم ولاية لويزيانا الجمهوري، بوبي جيندال رفض ذلك، ومثله فعل ايضا وزير شؤون الامن الداخلي في حكومة بوش مايكل شيرتوف.
ويرفض المخرج سبايك لي الفكرة القائلة بانه موقفه المعروف بنقده الساخر للادارة الاميركية اليمينية  هو ما دعا اركان الجمهوريين الى عدم الاستجابة لطلبه في المشاركة بالفيلم، مؤكدا انه لا يتفق مع  وجهة نظره كهذه، وانه  مخرج "عادل جدا." في تعاطيه مع الحقائق في الافلام الوثائقية، مع انه يحرص في الوقت نفسه على طرح بعض الأسئلة الصعبة على المشاركين في صنع تلك الحقائق وهو ما قد يدفعهم الى عدم المشاركة.
وبدت تغطية المخرج سبايك لي في فيلمه الجديد لكارثة تسرب النفط عامل جذب لمشاهدته، لاسيما ان الناس لا يعتقدون أن 75 بالمئة من النفط المتسرب قد اختفى كما تقول شركة "بريتش بترليوم"  والسلطات الاميركية. ويؤكد صاحب فيلم " اربع فتيات صغيرات" الذي فاز بجائزة اوسكار احسن فيلم وثائقي العام 1997  انه من السذاجة الاعتقاد  بان اكبر بقعة نفط طافية في العالم يمكن ان تختفي مؤكدا انها لن تختفي بعد 5 أو 10 أو حتى  15عاما من الآن(.....). 
سبايك لي يستعيد بشيء من الوجع ما واجهته مدينة موسيقى الجاز ومركز الثقافة الفرنسية في اميركا: نيو اورليانز، فثمة مأساة كاترينا، وانهيار السدود ، والآن التسرب النفطي الأكبر في العالم ، في أقل من خمس سنوات، مما يجعله كثيرا على اهل المدينة الذين يقول عنهم لي:  انهم اقوياء ويتعاملون بمرونة عالية ولكنهم مع ذلك لا يزالون بشرا، ولا يمكن لقصة معاناتهم ان تصل الى نهاية سريعة.


 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM