عار بلير في العراق يوصل "العمال" الى الحضيض

تاريخ النشر       07/07/2014 06:00 AM


مثلما كان عارجورج دبليو بوش في العراق كفيلا بايصاله حزبه"الجمهوري" الى حضيض حقيقي، ومن مؤشراته كانت الهزيمة المدوية امام اوباما، كان عار رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير في العراق كفيلا بايصال حزبه "العمال" الى حضيض برزت تجلياته في هزائم الانتخابات المحلية وسلسلة استقالات الوزراء هربا من سفينة الحزب الغارقة.
عار بوش وبلير ليس في اسقاط صدام، فالمهمة تظل حتى اليوم تستحق مبرراتها اذا كانت تتعلق بتخليص العراق والمنطقة والعالم من سلاح هو اخطر من اي من اسلحة الدمار الشامل، صدام ذاته بوصفه سلاحا للدمار الشامل، انما في النوايا التي غلفت ذلك الشعار الفاتن: تحرير شعب من الديكتاتورية واحلال السلام في منطقة مهمة في العالم، وهي نوايا الرد على "الاسلام الوهابي المتشدد" بخلق جبهة مضادة في منطقته، والجبهة المضادة هي "الاسلام السياسي الشيعي" اعتمادا على نهج ساقه "المحافظون الجدد" طبقا لاساس فكري ثبته المستشرق الاميركي برنارد لويس والباحث الاميركي اللبناني فؤاد عجمي، ويقوم ذلك الاساس على ان الفكر السياسي الشيعي قادر على ان يصبح افضل وسيلة لمحاربة الاسلام الوهابي الذي شن اعتداءات الحادي عشر من ايلول 2001 على اميركا.

بلير مع قواته في البصرة 2004

نهج بوش و"المحافظون الجدد" انضم اليه توني بلير الذي اعترف لاحقا بان سبب مشاركته الحرب على العراق كان اعتمادا على اساس ديني، مقاربا بذلك ما قاله بوش بان الله اوحى اليه بشن تلك الحرب.
الاساس الديني المسيحي بحسب نموذج بوش – بلير كان يبحث عن حليفه الحقيقي في العراق: حكم متدين يكون الله فيه حاضرا بقوة في معركة بين جناحي الاسلام السياسي القويين: الاسلام السياسي الوهابي والاسلام السياسي الشيعي، ولاباس من اضافة تنويعات على المشهد بادخال اسلام سياسي سني معتدل(الحزب الاسلامي) ممن يبدون اعداء للاسلام الوهابي.
وفيما بوش رمى بكل تقارير اجهزته الاستخباراية التي تحذر من اجراء انتخابات مبكرة في العراق لانها ستوصل احزاب موالية لايران الى الحكم فضلا عن احزاب كردية شعارها اضعاف العراق والانفصال عنه، اصر الرئيس الاميركي السابق على اجراء الانتخابات كونها، ودائما بحسب مشورة نائبه اليميني المتشدد ديك تشيني، الوسيلة المضمونة لايصال الاسلام السياسي الشيعي الى الحكم وبدء تنفيذ المعركة الموعودة مع الاسلام الوهابي، وهو ما كان قد تحقق بنجاح، فتحول العراق الى ساحة معركة لاهبة حققت ابرز النتائج: الحرب الطائفية.
وحين كان الرئيس بوش يعلن بفخر عن احد ابرز فوائد حربه في العراق: نقل المعركة مع العدو الى ساحته، كان يستدرك في محاولة لاخفاء ذلك بالقول: الحرب الاهلية تجربة سبق لاميركا ان عاشتها قبل تدعيم الديمقراطية فيها، والعراقيون اختاروا بحرية حكومتهم في انتخابات ديمقراطية.
وفي حين كانت بريطانيا في العام 1917 تقوم باخراج العراق من حضيض الاسلام العثماني الى عصر الدولة، تولت بريطانيا في العام 2003 البدء بنقل البصرة ومناطق واسعة من جنوب العراق من عصر الدولة الى عصر المليشيات الشيعية حين نفذت خطة واسعة لرسم السلطة وقوات الامن بحسب ملامح المليشيات الشيعية والاحزاب الموالية لايران، ولم يكن مصادفا ان يتولى الحكم الحقيقي في البصرة وجنوب البلاد 2003 -2007 اثنان: الجيش البريطاني والميليشيات الايرانية الولاء والتجهيز والنهج السياسي. تلك الصورة تنسجم ما بين الاساس الديني لحرب بلير وبوش والاساس الديني للقوى العراقية الحاكمة.
وبما ان استغلالا قذرا تم لفكرة الحرية في حرب العراق، فقد جاءت النتيجة قذرة ايضا: موت آلاف الاميركيين والبريطانيين وقتل مئات الالاف من العراقيين من اجل ايصال قتلة وفاسدين الى سدة الحكم، وهذه حقائق لم يكن بامكان بلير وبوش اخفائها، فكانت اصوات البريطانيين والاميركيين كفيلة بالحاق العار بهما.
السؤال الان: هل سيتمكن العراقيون من الحاق العار بطبقتهم الحاكمة من القتلة والفاسدين؟ ولكن شكوكا كثيرة ترافق هذا السؤال فمن يعد الاصوات وينظم الانتخابات هم موفظون مرتبطون باحزاب القتلة والفاسدين !
 
* من سلسلة مقالات نشرتها في موقع "كتابات" 2008-2009 تحت اسم "المراقب الاعلامي"



 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM