نقد فني  



نجلا أدوارد سعيد تستعيد هويتها الفلسطينية

تاريخ النشر       20/09/2014 06:00 AM


واشنطن- علي عبد الأمير*
لا تبدو ابنة المفكر والاكاديمي الفلسطيني الاميركي ادوارد سعيد، أقل اثارة للجدل في اروقة نيويورك الثقافية من والدها الراحل، وهي عبر عرضها المسرحي "فلسطين" فخورة بانها استعادت هويتها الوطنية ليس باحالاتها السياسية المباشرة، وانما بفكرتها الانسانية ومحمولاتها الثقافية.
نجلا ابنة إدوارد سعيد، الاستاذ بجامعة كولومبيا والذي كان حتى وفاته في عام 2003 كان من أبرز المدافعين في اميركا من أجل قضية الاستقلال الفلسطيني، تنقل جمهور عرضها مباشرة الى ارض تبدو ملغومة بالاسرار، بالاسئلة، بالمستعمرات الاستيطانية الاسرائيلية، بحواجز، وبمخيمات تبدو اكتظاظ وجودها الانساني غير قابلة للفهم لفتاة صغيرة وجدت نفسها في زيارة الى غزة صحبة والديها. انها اليوم في الخامسة والثلاثين ممثلة وكاتبة، لكنها لاتبدو في عرضها المسرحي المونودرامي "فلسطين" وكأنها تمكنت من الخروج كليا من الاحساس بصدمة المكان الفلسطيني ودلالات هويته حين زارته وتعرفت اليه  اول مرة.

نجلا أدوارد سعيد
 
في تلك الزيارة الى الضفة الغربية وغزة والأردن ولبنان مع عائلتها ، كانت نجلا سعيد منشغلة بقضاء اوقات جميلة على الشاطئ بدلا من تحليل الوضع الجيوسياسي، انطلاقا من فكرة يتماثل فيها اغلب ابناء المهاجرين: نسيان الهوية او عدم الرغبة في البحث عن تفاصيلها ومصادرها الاصلية. لكن ابنة صاحب "الامبريالية والثقافة" لا تتوقف عن القول في باب استعادة تلك الرحلة كيف انها تستذكر جيدا: رائحة المجاري المفتوحة في غزة، والفصل بين الجنسين بشكل صارخ، والطعام ، واللغة التي تتشكل من ارض تشهد اعلى معدل للنمو السكاني في العالم كما كان والدها الراحل يشرح ويوضح.

ومثلما تستعيد نجلا سعيد مشاهد "الصدمة "في غزة حين زارتها اول مرة، تستعيد في مسرحيتها والدها المسيحي باعتزاز وتصفه "الرجل البالغ اللطيف ، الرشيق في بدلة ثلاث قطع ، يلعب التنس ، ويقود سيارة فولفو ويدخن الغليون" دون ان تنسى الاشارة " الاكثر اثارة للجدل من بين الفلسطينين الاميركيين".

والمثير للجدل في المفكر الراحل ادوارد سعيد جعل بعض مؤيدي اسرائيل في الاوساط الاميركية يتهمونه "بالفشل في إدانة الأعمال الإرهابية التي تنفذها مجموعات فلسطينية، ولحماسته  لاقامة دولة فلسطينية، وللصورة  التي نشرت في العام 2000 على الحدود اللبنانية الجنوبية وهوعلى وشك أن يلقي حجرا على نقطة حراسة للجيش الاسرائيلي". تلك الصورة كان اعتبرها سعيد "لفتة تعبير رمزية" عن فرحه لنهاية الاحتلال الاسرائيلي لجنوب لبنان ، فيما كان منتقدوه يحرضون جامعته الشهير: كولومبيا من اجل توبيخه أو التبرؤ من تصريحاته وافعاله، لكن المسؤولين في الجامعة قرروا عدم اتخاذ أي إجراء ضروري بحقه".

عرض "فلسطين" يلعب على هذا النوع من المشاعر والمواقف، وهو قائم على السرد الشخصي  ويذهب أبعد من السياسة".  ومثلما جمعتهما افكار وبرامج معرفية وانسانية كثيرة، جمع العرض المسرحي بين ادوارد سعيد  وصديقه المايسترو الاسرائيلي دانيال بارنبويم الذي تبرع بنحو نصف تكاليف انتاج مسرحية ابنة صديقه الراحل البالغة نحو 30 الف دولار.

 وكان للراحل سعيد وبارنبويم  الكثير من القواسم المشتركة عبرة فكرة" اوركسترا الديوان الغربي الشرقي" التي تحولت مشروعا تبناه بارنبويم في العام 1999 مع سعيد ، الذي كان يعزف البيانو وكتب النقد الموسيقى.  وقصد سعيد- بارنبويم من مشروعهما  "تشجيع المحادثات بين العرب والإسرائيليين ، وربط الناس عبر الفجوة من الخوف والتوتر التي غالبا ما تميز الصراع الفلسطيني الإسرائيلي".
 
*تقرير نشر في صحيفة "الغد" الأردنية آذار (مارس) 2010 التي كنت مراسلها في واشنطن تحت اسم "حسين الأمير"


 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM