هدايا الرئيس: ساعات لصدام الفنزويلي وخيول لشيخ قطري و(زبيبة والملك) للعراقيين

تاريخ النشر       18/04/2016 06:00 AM


علي عبد الأمير*
تعددت "هدايا" الرئيس العراقي صدام حسين في الفترة الأخيرة، فهو قدم عوائد كميات من النفط للسلطة الوطنية الفلسطينية، ومجموعة من الخيول العربية لشخصية خليجية تزور العراق حالياً، وثلاث ساعات لمواطن فنزويلي سمّى ابنه "صدام"، وأخيرا قدم للعراقيين رواية وعدهم بها قبل شهور قليلة بعنوان "زبيبة والملك".
كان صدام أمر وزراءه بإيجاد سبل لإقناع الأمم المتحدة بالموافقة على تخصيص مبالغ من مبيعات النفط العراقي لصالح الفلسطينيين، فيما تتوقع مصادر عراقية مطلعة ان يقوم الرئيس العراقي بمضاعفة المبالغ التي يمنحها لعوائل ضحايا الانتفاضة عبر "جبهة التحرير العربية" التنظيم البعثي العراقي في فلسطين محققاً بذلك هدفين في وقت واحد: الى جانب رفع رصيده في "الشارع الفلسطيني "قصد" الإيحاء بأنه صاحب الموقف القومي المتقدم على غيره من القادة العرب" بحسب المصادر ذاتها.
ويبدو ان موسم "هدايا" صدام حافل بالكثير، اذ أنعم السبت الماضي على شخصية قطرية بهدية مميزة كانت عبارة عن عشرة رؤوس من الخيول العربية الاصيلة، وخصص سرية من الحرس الجمهوري الخاص لمرافقة هذا الضيف وعائلته في رحلة صيد في منطقة "الجزيرة" غرب العراق. وكان صدام استقبل ضيفه في القصر الجمهوري شاكراً له ما تقوم به عائلته الحاكمة من جهود لتقوية موقف العراق في منطقة الخليج وبحث معه في سبل جعل بلاده "منطقة انطلاق إقليمية نحو العراق اقتصادياً وسياسياً".
و"هدايا" الرئيس العراقي عابرة للقارات أيضاً، اذ أمر القائم بأعمال سفارته في العاصمة كاراكاس بتسليم المواطن الفنزويلي خورخي ريكاردو ثلاث ساعات، اثنتان منهما "مصنّعتان من أسلحة شهداء العراق" مكافأة لريكاردو الذي اطلق أسم "صدام" على ابنه البكر.
وللعراقيين قدم صدام حسين ما وعدهم به أوائل العام الجاري حين اعلن في اجتماع ضمه الى عدد من كتاب القصة والرواية انه سيكتب رواية تضم أفكاره التي لا يمكنه ان يعبر عنها في الاحاديث والخطب السياسية. ورواية صدام حسين التي حملت عنوان "زبيبة والملك" 160 صفحة لم تحمل أسم المؤلف فظهرت على الغلاف عبارة "رواية لكاتبها"، إلا ان الدعاية الواسعة لها أفهمت الجميع ان "كاتبها" هو صدام، فيما بدأت الصحف العراقية قراءات موسعة للرواية تسبغ عليها صفات العبقرية والفرادة وعلى اسلوبها براعة الصنعة الأدبية.
وكتب المؤلف في مقدمة الرواية ان "نجيباً غيوراً من اماجد العراق تلقف هذه الكلمات البديعة فكانت هذه القصة الرواية التي بين يدى القراء الآن"، موضحاً انه "لم يشأ ان يكتب اسمه عليها تواضعاً شأنه شأن أبناء العراق الذين يبذلون النفس والنفيس، ولا يتحدثون حتى عن جليل ما يفعلون".


و"زبيبة" امرأة من عامة الشعب يأتي اليها الملك ليتعلم منها الحكمة لكنها، بعد نقاشات مع الملك عن "الوطن والوطنية واطماع الغير بثروات البلاد وانفتاح السلطة على الشعب والوقوف معها لا ضدها"، لا تلبث ان تثير تساؤلات تتشابه مع تساؤلات الملك فتتخلى عن حكمة الشعب لتصبح مأسورة بعبقرية الملك الذي كان يأتيها متخفياً. وتقتل زبيبة في معركة تصاب فيها بسهم في صدرها بعد ان تكون قد وطدت علاقة وطنية وثيقة بين الملك والشعب تجسدت بتصديهما ودحرهما معاً للمتآمرين. وبعد مقتلها، تحولت زبيبة الى "شهيدة كبيرة من شهداء الشعب"، واعلن الملك ليرفع من مكانتها انه "تزوجها قبل المعركة الأخيرة". ولم تخل الرواية من إشارات واضحة الى "دور اليهود في بث روح الفرقة والتآمر والاستحواذ ودس المؤامرات بين صفوف الشعب لصالح مصالحهم الخاصة"، حسبما ذكر النقاد. وخصص ريع بيع الرواية التي حدد سعر النسخة منها بـ 1500 دينار عراقي نحوالي 90 سنتاً لـ "الفقراء واليتامى والمساكين والمحتاجين والاعمال الخيرية".
واذا كان صدام حسين أمر بتدريس رواية "الأيام الطويلة" التي كتبها الشاعر الراحل عبد الأمير معلّة وتسجل جانباً من حياته السياسية بدءاً مع تنفيذه عملية اغتيال عبدالكريم قاسم عام 1959، في المنهاج التثقيفي لتنظيمات حزب "البعث" فأن استعدادات بدأت في "مكتب الثقافة والاعلام القومي" لجعل رواية صدام التي اعتبرت "رواية لكاتبها" مادة التثقيف لتنظيمات الحزب من درجة "نصير" وصولاً الى "نائب أمين سر القيادة القطرية" وهو المنصب الذي يشغله حالياً السيد عزت الدوري.

*نشرت في "الحياة" 29/11/2000




 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM