أمين بوحافة.. شاب لكنه مؤلف موسيقي كبير

تاريخ النشر       13/03/2019 06:00 AM


علي عبد الأمير

منذ سنوات قليلة والملحن والموزع الموسيقي التونسي أمين بوحافة (وُلد في 10 يوليو/تموز 1986)، يؤكد حضوره اللافت في عالم الموسيقى التصويرية، عبر أعمال درامية مصرية، وأفلام سينمائية منها الفرنسي "تومبكتو" الذي فازت موسيقاه بجائزة "سيزار" المرموقة.

منذ أيام وأنا أتابع بمسرة مسلسل "أهو ده اللي صار" المصري للمخرج السوري المقتدر حاتم علي، وكانت الموسيقى التصويرية التي وضعها بوحافة سبباً جوهريا لتلك المسرة، فالمقدمة الموسيقية (تتر) للمسلسل تحيل على الفور إلى نوع من البناء النغمي الفخم، لجهة الميلودي المأخوذ أصلاً من الجملة الافتتاحية لأغنية الأب الروحي للموسيقى العربية المعاصرة سيد درويش "أهو ده اللي صار"، فضلاً عن اعتماد التنويعات النغمية لتلك الجملة بما يظهر عبقريتها كنوع من "السهل الممتنع" في التأليف الموسيقي الذي جاء عليه معظم عمل الخالد سيد درويش (1892 - 1923) وإن جاء موته المبكر ليضع حدّا لموهبة فذة.


بدأ بوحافة بمقاربة الموسيقى حين بدأ العزف على البيانو صغيراً، ثم ليلتحق بمعهد الموسيقى في تونس. ومن ثم تخصص بهندسة الاتصالات وحصل على منحة لدراستها في فرنسا، وهناك درس الموسيقى مع الهندسة. وأحسن بوحافة في توجهه لمصر (مع فترة انتعاش نتاجها الدرامي الجديد والفني منذ 2010)، ليضع موسيقى مسلسل "جبل الحلال"، "السيدة الأولى"، "باب الخلق"، "حارة اليهود" وغيرها.

بعد مرحلة العزف على البيانو فى سن الثالثة، تعرّف على الموسيقى العربية، ونال دبلوما من معهد الموسيقى العربية فى تونس، وهو فى سن الثانية عشر، وأكمل دراسته للموسيقى فى فرنسا، وهناك درس البيانو الكلاسيكى والهارمونى وعزف الأوركسترا مع أفضل مدرسى المعهد فى فرنسا. آلته الأولى كانت البيانو، وتطورت مع فهمه العميق ودراسته أعمال بيتهوفن، برامز، ديبوسى، رافيل، ريتشارد شتراوس، وبروكوفييف وسترافينسكي.

لكنه ظل طوال الوقت محبًا للموسيقى العربية، ويقول عنها في حديث مع صحيفة "اليوم السابع" المصرية: "كنت أجدها عاطفية جدًا، وحساسة، وكنت أحب أن أستمع إلى عبد الوهاب، والذى اكتشفته من خلال أمى، كما كنت أحب سماع السيدة أم كلثوم، والموسيقار القصبجى، وسيد درويش، وفيروز، والرحبانية بالتأكيد".


ولم تتوقف النباهة الموسيقية للمؤلف بوحافة في مسلسل "أهو ده اللي صار" عند المقدمة البارعة تأليفاً وتوزيعاً وعزفاً، بل أمتدت إلى فصول المسلسل وأحداثه التي تتناول بالعرض التاريخي والاجتماعي، وقائع مدينة الأسكندرية في الربع الأول من القرن الماضي، ومنها ما يتصل بالمسرح الغنائي الذي كان أحد أكثر الفنون شهرة وشعبية، لكنه لم ينسحب في عمله على تلك الفترة إلى "شعبية" أقرب إلى الفجاجة، فظل محافظاً على إناقة لحنية حتى في سياق الأنغام الغنائية الشعبية المتصلة بالمسرح الغنائي وظواهره.


ووفرت الانتقالات الدرامية لأحداث المسلسل ما بين بداية القرن الماضي وووقتنا الحالي، فرصة لانتقالات تعبيرية في الموسيقى التصويرية التي صاغها بوحافة، لم تواكب الأحداث الواقعية وحسب، بل عبّرت باتقان عن انتقالات الشخصيات ومساراتها السايكولوجية. وهذا عائدٌ إلى دراسة متمعنة للسيناريو ومسار الشخصيات والأحداث في العمل الدرامي، وليس مجرد تصورات عامة يمكن صوغها ضمن بناء نغمي.

موسيقى عربية ساحرة
ومن جهتي معرفة الموسيقى الغربية الكلاسيكية وروحية الموسيقى العربية كانت الأنغام التى يؤلفها "هى خليط من هذه الأنواع مع ربط قوى للهوية العربية، فالموسيقى لغة عالمية أحاول استخدام عالميتها لأتحدث للآخر عن ثقافتى باللغة التى يفهمونها، فأنا محب للنكهات الموسيقية العربية خاصة الغنية بخليط من السيمفونيات والأوركسترا وهو ما يجعلها أغنى وأعمق مع الهارمونى لأقدم موسيقى عربية ساحرة".

وإذا كنا عرفنا في السنوات الأولى من القرن الحالي أعمالاً مبهرة في الموسيقى التصويرية كالتي قدمها مؤلفون مثل طارق الناصر ووليد الهشيم والعراقي رائد جورج على الرغم من قلة نتاجه، فأن أعمال بوحافة تمثل موجة جديدة من ها النسيج الذي يقدم موسيقى معاصرة لكنها لا تدير ظهرها لموروثها النغمي العربي والشرقي الأصيل.



 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM