علي عبدالأمير عجام جاء نصير شمّة ليبلغني وشريكنا الثالث في برنامج "موسيقى.. موسقى" سلطان الخطيب: علينا أن نقدّم أفضل ما لدينا في الحلقة الأخيرة. تلك كانت الإشارة الذهبية لي في استخدام الأغنية التي حملتها مسجلة على شريط فيديو من عمّان وهي November Rain لفريق الروك Guns and Roses، فهي تجمع بين أنغام الروك الغاضبة والأوركسترا السيمفوني وبالتالي فثمة الجوهر "العصري" إلى جانب "الكلاسيكي" وهو ما يعطيها إحساساً بالفخامة والأصالة. مع تصوير الأغنية 1992 الذي جاء مازجاً بين الحلمية والواقعية، بين الحب والخروج على العادات والتقاليد، بين صوت المغني المجروح ووتريات الأوركسترا الشجية، بين عازف الغيتار المتمرد في نغمه ومظهره وبين الكنيسة القديمة الصغيرة التي يعزف أمامها، كانت هناك أكثر من إشارة احتجاج جمالية، وجدت فيها عنصر القوة التعبيرية التي قصدها شمّة في عبارته: علينا أن نقدّم أفضل ما لدينا في الحلقة الأخيرة. ثلاثي برنامج "موسيقى.. موسيقى" نصير شمة، علي عبدالأمير عجام، سلطان الخطيب نحيّت مخاوفي من سوء تأويل الأغنية وصورتها جانباً، فبالكاد مرّت عاصفة "قبعة ألتون جون" التي أثارها تقرير كتبه أحد الصحافيين ورفعه إلى وزارة الثقافة والإعلام يتهمني فيها بارسال رسالة ايجابية لقائد قوات التحالف في عاصفة الصحراء نورمان شوارزكوف، فقبعة المغني البريطاني ألتون جون في الأغنية التي قدّمتها في حلقة سابقة وهي sacrifice (تضحية) من النوع ذاتها التي كان يعتمرها شوارزكوف! حينها جئت إلى الوزارة بقوة أنني كنت "مقاتلاً" في أشد معارك حرب 1991 ضراوة ومشككاً بنوايا كاتب التقرير الذي لم يعرف تلك الحرب ولا عرف معنى مواجهة الموت في خنادقها، كما أوضحت أن المغني معروف بهوسه بالنظّارات والقبعات الغريبة. جاءت الحلقة الأخيرة (تلفزيون بغداد 1993) كما رغبنا وعملنا جميعاً في مادتها وتقديمها: أقوى الفقرات وأعمقها عن جوهر الموسيقى العربية (نصير) وأغنى الأعمال الموسيقية الغربية الكلاسيكية (سلطان) وأقوى تأثير للنغم الغربي المعاصر (أنا صحبة أغنية November Rain). أغنية "مطر تشرين الثاني" كانت أجمل خاتمة لمغامرة جمالية لم تخل من مخاطر اسمها "موسيقى..موسيقى" أستعيدها دائماً بالدهشة وكيف انها عبرت كغيمة غريبة في سماء ثقيلة كأنها حجر مميت.