مقالات  



حين سألني أبي: لم تسمع هذه الأغنية وأنت ذاهب للحرب؟

تاريخ النشر       04/10/2023 06:00 AM


علي عبدالأمير عجام

في يوم من أيام العام 1986 كنت قد وضعت أسطوانة الفريق الغنائي البريطاني "داير ستريتس" Brothers In Arms ،الصادرة حديثاً حينذاك، على الغرامفون فيما كنت قد حزمت حقيبتي بانتظار صديق كان سيمرّ عليّ كي نلتحق بوحدتنا في جبهة الحرب.
وصلت الإسطوانة في دورانها إلى الأغنية الأحب إلى قلبي Ride Across The River "إركب عابراً النهر" وهي في قراري كانت نصاً شعرياً معبّرا عن مأزقي الشخصي في الحرب، فضلاً عن لحنها الهادىء الجميل وفي جوهره ضربات مغني الفريق مارك نوفلر على الغيتار.


وأنا في استغراق سماعي الأغنية حتى جاءني صوت أبي: لم تسمع هذه الأغنية وأنت ذاهب للحرب؟
وقعت في لجة استغراب تام، فكيف عرف أبي بجوهر الأغنية وهو الذي لا يعرف الانجليزية ومعرفته بالموسيقى لا تتعدى أم كلثوم والقبانجي؟ ثم كيف عرف المعاني التي كانت تلخص جوهر لحظتي ومنها: "نحن على استعداد لدفع حياتنا إذا اضطررنا لذلك/ سأركب عبر النهر العميق والواسع/ ركوب عبر النهر إلى الجانب الآخر/ الآن أنا جندي، أنا كلب حرب/ ونحن لا نهتم بمن هو سبب القتل/ نعم هي نفس القصة القديمة ولكن بإسم مختلف/ الموت أو المجد، إنها لعبة القتل/ سأركب عبر النهر العميق والواسع"!


طلبت منه بسؤال أن يجيبني: كيف عرفت أن هذه الأغنية لا تناسب وضعي وأنا على وشك السفر إلى الحرب؟ فقال بهدوء تام وثقة مطلقة أن لحن الأغنية حزين ويعبر عن حال إنسان على وشك رحيل بلا عودة!
بلا تردد، ذهبت إلى والدي وعانقته مغالباً دموعي ومجتهداً في أن لايراها وأنا أردد مع الأغنية " سأركب عبر النهر إلى الجانب الآخر/ سأركب عبر النهر العميق والواسع".


 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM