نقد أدبي  



دار القصة تجربة ادبية رائدة في جنوب العراق

علي عبد الأمير

تاريخ النشر       20/10/2009 06:00 AM


" ملتقى السرديات الرابع " ينفتح على رؤى المسرح وتجاربه

عمّان- علي عبد الأمير
في حين تتركز تظاهرات الثقافة في العاصمة العراقية بغداد ، يسعى القاص  محمد رشيد الى ان يجعل من " دار القصة  العراقية " في مدينة العمارة (ميسان) الواقعة الى  الجنوب  من  بغداد بنحو اربعمائة كليومتر،  مركزا ابداعيا لا يبدو مأسورا بسطوة العاصمة ، مثلما يسعى الى اضفاء اطار مستقل على نشاط داره الذي بات منذ اربع سنوات يستقطب ابرز كتاب القصة والرواية في العراق، مما كلف رشيد ان يبيع اثاث مسكنه الشخصي لتأمين استمرار " حلمه " بأن يكون للقصة العراقية  ملتقاها الخاص، يعرض فيه الكتاب المعروفون امثال  محمد خضير ومحمود عبد الوهاب ومحي الدين زنكنة وغيرهم بعضا من تجاربهم، فيما يحاورهم  كتاب من اجيال احدث، بينهم  مدير " دار القصة العراقية " ومؤسسها محمد رشيد الذي يعتبر احد كتاب القصة من "جيل التسعينات" ( تقسم الأجيال الأدبية في العراق لكتاب كل عقد من السنوات ).

  وكانت ان نظمت " دار القصة " ملتقيات سنوية  تحت عنوان  "ملتقى ميسان القطري للسرديات " وقبل ايام انعقدت اعمال الدورة الرابعة للملتقى بحضور الادباء محمد خضير ، محمود عبدالوهاب ، محيي الدين زنكنه ،احسان وفيق السامرائي وآخرين، ولكن هذه المرة بين العاصمة بغداد وميسان، فالمدعوون لمحور " المسرح العراقي … رؤى وتجارب " اعتذروا عن السفر الى جنوب البلاد " لإرتباط معظمهم بمسرحية " زبيبة والملك " المأخوذة عن رواية بالعنوان ذاته للرئيس العراقي صدام حسين " كما توضح ذلك صحيفة " الزمن" الإسبوعية الصادرة في بغداد.
 الجلسة الاولى  من " ملتقى السرديات " كانت على "قاعة حوار" ومحورها "المسرح العراقي... رؤى وتجارب" ، وادارتها  الشاعرة اطوار بهجت التي سلطت الضوء على بعض نشاطات "دار القصة" كالاحتفاء بالمجاميع القصصية والحلقات النقاشية مرورا بتكريم المؤلفين واقامة المسابقات وصولا الى تبني الطاقات الابداعية في الكتابة والفنون عند الاطفال  في المدينة الجنوبية الواقعة على نهر دجلة.

محمد رشيد: دار القصة صارت فكرة ثقافية
 
القاص محمد رشيد تحدث عن اهمية هذا الملتقى كونه الاول في العراق يحمل عنوان "السرديات"  لافتا الى الإهتمام بالمسرح بوصفه " فنا سرديا "  إذ قال "بما أن المسرح هو جزء من السرد، كان لابد للدار أن توجه الدعوات لفنانين يعتبرون اعمدة في بناء المسرح العراقي" ، مشيرا  أن " دار القصة ولدت لكي تخدم المبدع العراقي وتذلل له الصعاب غير آبهة بالحواجز التي وضعت في طريقها وانها دائما تبتكر الجديد الذي يخدم الثقافة ا والمبدع العراقي المحاصر الذي تيمم بتراب الوطن وتوضأ بنور الحرف وصلى بمحراب الكلمة" .

 اول المشاركين كان المخرج  سامي عبدالحميد، و تحدث عن تجربته الفنية التي لم تتوقف عند حدود التمثيل والإخراج ( اخرج مؤخرا زبيبة والملك ) بل عددا من الكتب في المسرح : "فن التمثيل" ،"فن الالقاء" ، "مباديء الاخراج المسرحي" وغيرها  من الكتب المترجمة لأهميتها في ايصال ما هو جديد للقارىء العربي مثل "المكان الخالي "لبيتر بروك و " نحو مسرح ثالث "لأيان واطسون وغيرها.
كما عرض ملامح تجربته في الاخراج المسرحي كما في "القرد كثيف الشعر" ليوجين اونيل و "ثورة الزنج " للشاعر معين بسييسو و"المفتاح" و" الخرابة" ليوسف العاني وغيرها. وانتهى حديثه في تجربته في مجال التمثيل حيث مثل ادوارا رئيسة في ابرز الأعمال السينمائية والمسرحية والتلفزيونية العراقية.
من جهته عرض مدير عام "دائرة السينما والمسرح "الدكتور فاضل خليل  والمخرج والممثل في عدد من الأعمال المسرحية البارزة، لتجربته انطلاقا من مدينة العمارة ( ميسان ) حيث ولد ودرس قبل ان يتحول الى بغداد وقال " هل هي مصادفة أن ينشأ عدد من المبدعين في مكان واحد وبسيط اذا جاز لي أن اعد نفسي مبدعا فقد كان الشعراء عبدالرزاق عبدالواحد ، لميعة عباس عمارة ، مالك المطلبي ،محمد شمسي ، حسب الشيخ جعفر و فاضل خليل في مدينة( العمارة) وفي محلة ( حارة ) واحدة  هي " محلةالسراي" و دربونة( زقاق) واحدة" ؟ و يقول " تورطت بألم الفن والكتابة من الصبا بسبب اكتشافي مكتبة يربو عدد كتبها على الالف كانت لوالدي" . يذكر أن والده هو الرائد القصصي خليل رشيد الذي كان صاحب صالون ثقافي يجتمع فيه مثقفو المدينة ( العمارة) أيام الخمسينات من القرن الماضي.
مدير "الفرقة القومية للتمثيل" المخرج والكاتب والممثل عزيز خيون ،كان المتحدث الثالث عبر   ورقة بعنوان "المسرح العراقي في الخيار الصعب" عارضا من خلالها الى " ازمة المسرح العراقي الذي ابتلعته آفة الربح وتجارته ومضاربات السوق. فمن ازمة الانتاج الى ازمة النص وازمة فن الاخراج الى ازمة فن التخطيط وفن الادارة والترويج والتشويق، الى ازمة التقنيات التي تنهض بالتجربة المسرحية" .
وفي عودة الى مدينة العمارة كانت الجلسة الثانية  من الملتقى و محورها "رواية الحرب في العراق" التي ادارها  الروائي عبدالرزاق المطلبي.
الناقد سليمان البكري شارك ببحث "تحولات المكان في رواية" ضحكة اليورانيوم" للكاتبة لطفية الدليمي. واصفا  الرواية بأنها "وثيقة ادانة ابداعية لجريمة العصر التي شنتها اميركا ضد اطفال العراق في ملجأ العامرية" .
الروائي علي لفتة سعيد قدم ورقة بعنوان  "بنيةالكتابة.. اقتفاء الاثر لمستويات السرد في الرواية العراقية" تحدث فيها عن خمس روايات هي  "كراسة كانون" لمحمد خضير و" رغوة السحاب" لمحمود عبدالوهاب و" الخروج من الجحيم" لناطق خلوصي و "عطش على ضفاف الدانوب" لعبدالستار البيضاني و "حكاية امرأة" لمحمد مزيد.

وكان محور الجلسة الثالثة في الملتقى "القصة في ميسان … جاسم هاشم العبادي مبدعا" وترأسها  الروائي كاظم الاحمدي. فيما تحدث خلالها  الروائي عبدالرزاق المطبي ، الناقد سليمان البكري ، القاص محمد رشيد و القاص سلام نوري ، ليعرض المحتفى به ، القاص جاسم هاشم العبادي ،تجربته في الكتابة بدءا من مجموعته الاولى التي صدرت العام 1972 "قصص لا تصلح للنشر" مرورا بمجموعته الثانية "عند اطراف المدن الجنوبية" العام 2000 وأخيرا "اعترافات ليست متأخرة" الصادرة هذا العام .

 
*نشرت في صحيفة"الرأي" الاردنية العام 2001


 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM