مقالات  



مثقفون عراقيون يتذاكون حول سوريا

تاريخ النشر       17/11/2018 06:00 AM


علي عبد الامير عجام
- شخصيا، انا ضد اي حرب حتى لو كانت "مقدسة"-
يعيد مثقفون عراقيون الخطأ الفادح الذي ارتكبه مثقفون عرب بشأن العراق، فقبيل حرب العام 2003 راح مثقفون عرب ينصبون انفسهم اوصياء على القضية العراقية، بل راحوا يوزعون تعبيرات "الوطنية" و"التصدي للامبريالية" على نظام صدام و"العمالة" و" التحول الى ادلاء خيانة" على معارضيه.
اليوم يعيد مثقفون عراقيون الخطأ الفادح ذاته، فيصدرون بيانا حول سوريا، بل ينصبون انفسهم اوصياء على قضيتها، مع الاقرار ان من حق اي مثقف ان يقول كلمته اذا ما تعلق الامر بالحرية ورفض الحرب، لكن مع الاقرار ايضا بان للقضية السورية والوطن السوري ابناء مخلصين هم الاجدر والاحق بالقول الفصل فيما خص وطنهم وقضيتهم.
اليوم يكرر مثقفون عراقيون مقاربة خطاب " الوطنية" فيضفونه، عن قصد او بدونه، على النظام الحاكم في دمشق، ومقابله خطاب " العمالة" و"الارهاب" فيخصون المعارضة السورية به، وبقصد او بدونه، يظهرون على خط واحد مع "مبادرة" المالكي بشأن سوريا التي تساوي بين الضحية والجلاد، ناهيك عن كونها خطابا سياسيا انشائيا سمجا لا يعني شيئا، لاسيما انه يأتي من رجل دولة مسؤول عن الكثير من الازمات في وطنه.
اليوم يكرر مثقفون عراقيون الخطأ الفادح الذي ارتكبه مثقفون عرب قبيل حرب العام 2003، فهم عوضا عن عمل جدي لتعميق الحرية في بلادهم وتعزيز مسار الامن الاجتماعي فيها، راحوا يطلقون مشاريع عمل تخص حرية الاخرين و امن بلاد غير بلادهم، يظهرون فيها وكأنهم اوصياء على الاخرين، مع ان في الوسط السوري من ابناء الحرية من مثقفين وفنانين و باحثين واصحاب معارف من دفع اثمانا باهظة في تصديه السلمي عبر العمل الفكري للنظام الحاكم في سوريا.
واللافت ان من اصدروا بيانا باسم مثقفين عراقيين حول سوريا قبل ايام، لم يسمع للكثير منهم اي صوت حول القمع المنظم للحريات الذي انجزه نظام البعث السوري طوال عقود، ولم يتضامنوا علنا مع من قضى عقودا من اعمارهم في غياهب سجون نظام الاسد من مفكرين ومثقفين سوريين هم ابناء بررة لوطنهم.
وقد يقول قائل ان من حق مثقفين عراقيين ان يظهروا موقفا حيال قضية السلم والامن في بلد مجاور، ستؤثر الاحداث فيه بقوة على اوضاع وطنهم، وهو قول حق لو كان العراق حاليا بمنأى عن تلك الاوضاع ويخشى ان تؤثر فيه اي حرب، لكن ان يكون العراق ساحة حرب حقيقية يوميا عمادها الارهاب المنفلت من اي عقال، ومشروع نهب متواصل من قبل قادته " المنتخبين ديمقراطيا"، ويطرح فيه، علنا، خيار تقسيمه وتفتيته على اسس طائفية وعرقية، وتحوله ايران الى حظيرة ومكب نقايات سياسية وامنية وتجارية وثقافية ودينية، عبر ميليشياتها واحزابها ومنظماتها الامنية والثقافية ومؤسساتها الدينية الحاكمة في العراق، ثم يأتي بعض مثقفيه ليصدروا بيانا "ينصحون" فيه الاخرين ويوزعون صفات "الوطنية" او "العمالة"، فالاجدى بهؤلاء ان يلتفتوا الى مصائب بلادهم الغاطسة في حقول الغام على مد البصر.
مرة اخرى انا شخصيا، انا ضد اي حرب حتى لو كانت "مقدسة"، وفيما خص الحرب في سوريا، انها امر يهم السوريين فقط، وانا ضد كل تدخل في قضيتهم اكان ذلك التدخل الايراني العراقي الحكومي والميليشياوي الشيعي و اللبناني (حزب الله) مع النظام الديكتاتوري في دمشق، وضد التدخل التركي والسعودي و العراقي (الجماعات الارهابية المسلحة السنية) والغربي الى جانب المعارضة. اكرر القول بان هذا شأن يخص السوريين، وهم الاقدر على التصرف بشأنه والاولى بقول حقيقته وتجسيدها، ويكفي ان نعطي الاخرين دروسا في "الفضيلة" فيما نحن نغطس في "الرذيلة".

 



 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM