غاب الناحبون عن حانات بغداد*

ِعلي عبد الامير

تاريخ النشر       27/01/2014 06:00 AM


لا مزيج نادرا من المشاعر، كالذي كان ينطوي عليه عراقيون كثر قبل اربعين عاما خلت، وتحديدا في امسيات اشبه باحتفالات خاصة للمشاعر، كانت تضمها حانات تتوزع شارع الندامى: ابو نؤاس، او اذرعه الحانية الممتدة الى شارع السعدون، او شارع الرشيد، وحتى شارع النضال.

مشهد بانورامي لشارع "ابو نؤاس" سبعينيات القرن الماضي

ان كنت تقصد اطلاق العنان لمشاعرك الى آخرها، فكان عليك بحانة "ليالي السمر"، وان كنت باحثا عن جلسة حميمة مع اصدقاء يطرقون على الروح، فمالك غير حانة :الفارابي" باناقتها اللافتة، وحين تكون على موعد مع "سهرة رنانة" فعليك ان تمر سريعا على حانة "فيتامين" الصغيرة، وتجرع على عجل، كأس بيرتها الباردة و"تمزمز" من فستقها الموصلي الاخضر الشهي، لتنتقل الى مكان آخر مع صحبة كبيرة، لا تسعها عادة تلك الحانة المعاصرة الصغيرة المعروفة بانها لا تستقبل الا زبائن معروفين ومحددين.
بين كل تلك المساحة الواسعة من الامكنة الصاخبة في المشاعر والاسماء، والانتقالات الحادة من الاضواء الساطعة الى العتمة الندية، ثمة مشهد ليس صعبا ان تصادفه بألفة، انه مشهد رجال ينحبون تأثرا وشجنا، فيما اصدقاؤهم يتولون تخفيف الالم، بيد تربت على الكتف المنحنية المهتزة فرط الانكسار والتشتت الروحي المخيف.

 
* من فصل اول من الجزء الثاني لكتاب "حنين بغدادي" قيد الاعداد


 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM