نقد أدبي  



في ذكرى رحيله الخمسين: ملحمة شعرية مفقودة وقصائد لم تنشر للسياب

تاريخ النشر       19/12/2014 06:00 AM



علي عبد الأمير عجام

اذا كان اصدقاء السياب ودارسوه يؤكدون ان هناك ملحمة شعرية مفقودة بعنوان "بين الروح والجسد"، كان ارسلها صاحب "ازهار ذابلة" الى الشاعر المصري علي محمود طه لنشرها في القاهرة، فان الشاعر البصري محمد صالح عبد الرضا يحتفظ بعدد من قصائد بدر شاكر السياب غير المنشورة والتي يقول عنها " كانت سنة موت السياب: 1964 بداية طريقي نحو قراءة الشعر، و شعره شكل المساحة الأكبر من اهتمامي، وبقي هذا الشغف الكبير بشعر السياب يواكبني، يضاف إليه متابعة الدراسات التي تكتب عنه وعن شعره، وأحاديث ذكريات وأقربائه والتنقيب عن المخطوط من آثاره، حتى العام 1978 حين أعطاني نجله (غيلان) إحدى قصائده غير المنشورة وهي بعنوان "نبوءة حزينة"، وهي من شعر السياب المبكر وتقترب من روح قصائده في مجموعته " أزهار ذابلة" الصادر العام 1947. 
وفي العام 1982 تم العثور على قصائد بخط السياب في دفترين لدى عائلته، يضمان 27 قصيدة منشورة وسبعاً غير منشورات بضمنها قصيدة "نبوءة حزينة" والقصائد السبع غير المنشورة، خمس منها بخط يده المتأني واثنان بخط يده المتعجل".
ومن قصيدة "نبوءة حزينة" نقرأ:
الظلال المقمرات الشحب
والسكون الخائف المضطرب
غابة ثكلى ... وأشباح حزانى..
وجذوع كلها كانت زمانا
وجذوع في غد تلتهب...
ورياح سوف تذروها دخانا
والفراشات النقيات الظماء
خفقة بيضاء ... وشاها بنجمين المساء
المساء الأسمر المعطار .. وارتجت ليال 
في قرار القبة السوداء .. تهوي كالظلال
وربيع .. وخريف .. وشتاء
وجناح بارد .. فوق الرمال
وتصافحنا .. وظلان .. وظلان ... ونور
ويد .. في غرفة زرقاء ! .. والنجم الصغير...
أوقد الشباك .. فامتدت يد من كل باب ؟
وابتسام .. رنح الأهداب ، مجهول الرغاب ؟
واحتراق .. وانطفاء واحتراق...
ونجوم .. وفراق..




وفي العام 1998 عثر لدى الشاعر البصري صالح فاضل الخصيبي وهو من أصدقاء السياب القدامى، على قصيدة بعنوان "غداً يحضنك الفجر"، كتبها بالاشتراك مع السياب في أبي الخصيب العام 1942 وهي مهداة إلى صديقهما الشاعر محمد علي إسماعيل، وتنتمي هذه القصيدة إلى الموجه الرومانسية التي أخذت مداها في شعر تلك الفترة.
ومع ان افتراضا معقولا يرى أن السياب أهمل تلك القصائد عمدا، الا انها اليوم تشكل جزء من تجربة الشاعر الكبير والرائد، فثمة قصيدة غير منشورة عنوانها "عودة من الموت"، وهي تنتمي إلى روح قصائده في ديوانه "شناشيل ابنة الجلبي" العام 1964، و أشار أكثر من باحث في شعر السياب إلى أن تلك المرحلة طغى فيها الموت على شعره، مرحلة الاستسلام لقدره المأسوي وفقدان الأمل في الشفاء، حيث تشكل الذكرى ملاذه من سقم المرض وتنهض صورة (وفيقة) حبيبته الراحلة التي يحلم بلقائها بعد الموت . 

وكان الناقد الراحل عبد الجبار داود البصري أوجز في حوار قبيل رحيله 2001 أسئلة تخص محطات ومواقف في حياة  بدر شاكر السياب وشعره  انطلاقا من  الصلة الوثيقة التي كانت تربط البصري بالسياب في مناح عدة: شعرية و اجتماعية و نفسية وحتى جغرافية، فهما  يرتبطان ببيئة واحدة هي البصرة، كما ان  البصري كتب كثيرا عن السياب في حياته وبعد رحيله، وقد افتتح "المكتبة السيابية" بكتاب نقدي يعد اول كتاب نقدي كامل عن الشاعر الرائد.  
وحول ان كان  للسياب تراثا شعريا ونثريا  مايزال مجهولا؟ وهل ثمة جهات او أشخاص مازالوا يحتفظون بالكثير مما يخص السياب مخطوطات او تراجم او  رسائل؟ قال البصري الراحل:
"تراث السياب النثري ما زال خارج اهتمام الباحثين وفي مقدمتهم سلسلة من مقالاته وقصصه التي نشرها في ملحق جريدة "الشعب". وربما كانت عائلته تحتفظ بشيء من نتاجه لان ديوان "اعاصير" الذي جمعه الاستاذ عبد الجبار العاشور لا يحتوي على كل ما ذكره السياب في ديوان له بعنوان "زئير العاصفة" كما ان ملحمته "الروح والجسد"، ربما يعثر عليها يوما ما عند احد ادباء مصر المعنيين بتراث الشاعر علي محمود طه المهندس".




 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM