مقالات  



من يخاف إليزابيث وارن؟.. السياسة والأدب

تاريخ النشر       08/08/2015 06:00 AM



علي عبد الأمير

يتذكر كثيرون من قراء العربية، النص الذي صار واحدا من علامات المسرح العالمي المعاصر: "من يخاف فيرجينا وولف؟" الذي كتبه الاميركي إدوارد ألبي، المولود بواشنطن سنة 1928 وقارب فيه الازمة الاجتماعية للطبقة المتوسطة، وانهيار "الحلم الاميركي" بحسب جيل ستينيات القرن الماضي، اعتمادا على بعد نفساني سوداوي عميق اعتمدته الروائية البريطانية فرجينا وولف، هو جوهر "تيار الوعي" المعروف في رواية القرن العشرين، كما تحول 
النص فيلما سينمائيا قام بالدورين الرئيسيين فيه إليزابيث تايلور وريتشارد بورتون.
ومثلما ظل العنوان "من يخاف فيرجينيا وولف؟"، ساحرا في احالاته الادبية والمسرحية والشعورية، جاء العنوان ذاته ولكن بصيغة الاسبوع الماضي: "من يخاف إليزابيث وارن؟"، والذي جاء مدخلا للقصة الاساسية لمجلة "تايم". 






الاميركية في عددها الصادر في العشرين من تموز (يوليو)، وفيه مقاربة يختلط فيه السياسي بالادبي ضمن قصة صحافية متقنة، تجعلنا نعرف حقا: لماذا يخاف سياسيو واشنطن من الليبرالية "القوية"، مثلما يخافها اساطين المال في "وول ستريت"، حتى وإن دعموا المرشحة الديميقراطية، هيلاري كلينتون، مثل شركات "جي بي مورغان"،  "سيتي غروب" و"جولدمان ساكس"، وكيف صارت العضوة الديمقراطية في مجلس الشيوخ الاميركي عن ولاية ماسيتشوسيتس، تحديا لمرشح ديمقراطي آخر للرئاسة، هو بيرني ساندرز، على الرغم من قدرته على إظهار نفسه مصلحا "ثوريا" و"اشتراكيا"، ويستقطب أكثر من عشرة الاف شخص شخص، أو ما يقرب من ضعف هذا العدد في محطات حملته في رئاسيات اميركا 2016.
انها "كابوس هيلاري" في اشارة الى الخطر الذي يهدد فرص المرشحة الديمقراطية ووزيرة الخارجية السابقة، جراء توجيه وارن سهامها نحو الامكنة الحساسة للفساد التقليدي في واشنطن: سياسيون مدعمون من كبار الشركات، بل هي تهاجم بضراوة "الصفقات التي تصب في صالح أصحاب المليارات وشركات النفط الكبرى والجهات المانحة السياسية الكبرى"، التي تعتبرها "جولة أخرى من اللعبة القديمة المزيفة نفسها"، وفي حين تتضح ملامح دعم شركات "وول ستريت" الكبرى لكلينتون، فان الاخيرة اصبحت في مرمى مدفعية السيناتور اليزابيث وارن التي تتميز بقدرة خطابية لافتة هي مزيج من العاطفة والإقناع، ضمن  رؤية "مستحيلة" حتى اليوم،  قائمة على ضرورة ضبط نفوذ الشركات الكبرى وصولا الى تقليل الفجوة بين الأغنياء والفقراء واستعادة حيوية الطبقة الوسطى.
الصراع الذي شكل حبكة الادب في "من يخاف فيرجينيا وولف؟" لجهة الحقيقة المريرة التي يخفيها "الحلم الأميركي"، انشغل بأسئلة جوهرية حول الطبقة الوسطى التي تعتبر "المروّج الأول للحلم الأميركي وصاحبته"، وهاهو الصراع ذاته، تعيده سياسيا هذه المرة وليس بالضرورة منقطعا عن احالاته الفكرية العميقة، السيناتور "الليبرالي"، اليزابيث وارن، التي وجدت نفسها ممثلة لجيل عصفت به الأزمة المالية العام 2008، ثم عملت في وقت لاحق وبلا هوادة في مجال حماية المستهلك، لتعلن بفخر قبل أيام، ان عمل مجموعتها في هذا المجال أعاد مبالغ تقدر بنحو 10 مليارات دولار، كانت تمكنت فيها كبار الشركات من استغلال المستهلكين عبر بضائع فاسدة، و فازت في الانتخابات العامة 2012، لتصبح أول امرأة بمجلس الشيوخ عن ولاية ماساشوستس، وتوصف كشخصية قيادية في الحزب الديمقراطي ومن بين اكثر "التقدميين الأميركيين" أهمية وتأثيرا، وحيال حيوية افكارها وقدرتها التنفيذية البارزة، بدا اوباما وطاقمه الاقتصادي وحتى السياسي فيما خص الشؤون الاميركية الداخلية، "جمهوريا" محافظا وتقليديا على الرغم من شعارات التغيير الديمقراطية العريضة التي حملته الى البيت الابيض. 




* نشرت في صحيفة "العربي الجديد" الاليكترونية 7 آب/ أغسطس 2015





 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM