مقالات  



موعد مع محمد خان في الحرب

تاريخ النشر       28/07/2016 06:00 AM


علي عبد الأمير

في العام 1984، تعرضت وحدتنا العسكرية الى خسائر كبرى في مواجهة محتدمة مع الجيش الأيراني، فجاء أمر بسحبها من جبهة القتال في حقل مجنون، وانفتاحها في منطقة قرب ناحية النشوة ، من "أجل إعادة التنظيم".. تلك الفترة التي امتدت نحو 3 أسابيع كانت مميزة حقا، فهي عنت لي إعادة الإتصال بأشياء كثيرة، تبدو عادية لكنها مع دك القنابل يوميا تبدو مستحيلة، ومنها شيء أسمه التلفزيون.
ذات مساء من مساءات بدت أشبه بموعد في الجنة، إذا ما قارنتها مع جحيم القتال في مجنون، استدعاني آمر الوحدة، الى خيمته الواسعة، وفيما كان يطلب مني تنفيذ أمر يتعلق بكتابة موقف شامل لخسائر وحدتنا، راحت انظاري تتوجه الى التلفزيون الذي تحول بثه الى القناة الكويتية، وهو أمر كان سائدا في البصرة ومناطقها، وكانت هناك مقدمة جميلة، أظن ان اسمها هدى المهتدي، تتحدث عن سهرة مع فيلم مصري جديد، وهو "موعد على العشاء".


وفيما رحت أفرش أوراق مواقف الخسائر البشرية والمادية من اجل توحيدها ضمن سجل واحد، كانت عيوني تتركز شيئا فشيئا على صورة مختلفة عن سياق الفيلم المصري التقليدي، ثم بدأت أتلمس نوعا من المشاعر النادرة، من ايقاع الأحداث، من المونتاج والمؤثرات الصوتية.
وما بين انشدادي الذي كان يتصاعد بتصاعد احداث الفيلم الجميل، كان صوت الآمر يعلو مشددا على ضرورة ان انجز الموقف في تلك الليلة.. 
حرصت على انهي أمر الضابط المعروف بغلاظته وقسوته، الرائد طارق التكريتي، فيما كنت استرق النظرات الى فيلم، سأحتاج الى أكثر من عامين كي اشاهده مجددا في بغداد، وابكي معه تلك المشاعر النادرة، مشاعر صاغها المخرج الذي سابدا معه رحلة ثقافية خاصة: محمد خان الذي غادرنا أمس.



 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM