مقالات  



عن جورج حواتمة العراقي

تاريخ النشر       04/08/2016 06:00 AM


علي عبد الأمير

 تعرضت من خلال عملي في القسم الثقافي لصحيفة "الرأي" الأردنية في العام 2001، لوشاية من محرر بعثي، تتعلق بتقرير صحافي كتبته في "الحياة" عن كتاب وصحافيين أردنيين مشاركين في عيد ميلاد صدام، ومن بينهم الكاتبة السيدة إنصاف قلعجي والتي لم أك أعرف صلتها برئيس تحرير "الرأي" حينذاك الدكتور خالد الكركي، الذي سارع الى اصدار امر بإنهاء عملي، مع انه كان ثقافيا محضا لا صلة له بأي تأويل سياسي قد يحرج الأستاذ الكركي!

بعد نحو عام، إتصل بي الصديق والزميل العزيز موسى برهومة، اثر تسلمه مسؤولية القسم الثقافي في "الرأي" ليبلغني ان عودتي الى العمل في المؤسسة الصحافية البارزة، صارت أمرا محتما، ففضلا عن الثقة الشخصية التي بيننا وخبرتها محطات عمل مشتركة كثيرة ودعمتها صلات فكرية وانسانية، كان هناك رئيس تحرير جديد للصحيفة، هو الأستاذ جورج حواتمة.

جورج حواتمة: سيرة من الأمل والفكر التنويري

على الفور شعرت بارتياح بالغ، لا لأنني سأعود الى العمل منتصرا على وشاية "الزميل البعثي"، بل لأنني أعرف الرجل عبر سيرة من التفتح الفكري والمعرفي، ليس أبرزها كونه رئيس تحرير صحيفة الأردن الإنجليزية "جوردان تايمز"، ناهيك عن كونه من قلة أردنية مثقفة كانت ترى الى أزمة العراق كونها نتيجة نظام الطغيان والتسلط الصدامي.

لم يتوقف ترحيب حواتمة بعودتي عند حدود الكتابة في الشأن الثقافي، بل دعاني الى كتابة تقارير اخبارية عن الشأن السياسي العراقي، وأوقعّها تحت اسم "محرر الشؤون العربية" كي لا أثير حفيظة الجيش الصدامي في "الرأي" وخارجها، ودون فتح باب من المشاكل مع السفارة العراقية يوم كانت يدها طويلة في العاصمة الأردنية.

وفي عودتي للعمل في عمّان العام 2011، حرص الرجل على ان يلاقيني بالثقة ذاتها وبالتقدير ذاته، ضمن مؤتمرات تتعلق بالعمل الصحافي والثقافي بعامة، حتى وبعد إن "مرت مياه كثيرة تحت جسر" شؤون بلدينا والمنطقة والعالم، دون ان ينسى تذكيري بما كان يحذر منه سابقا حول الإرث الفادح للعراقيين من حقبة الطغيان الصدامي.

وبالتهليل الشخصي وبالبهجة الغامرة، قابلت قبل فترة قصيرة تعيينه رئيساً لمجلس إدارة التلفزيون الأردني الرسمي، لما أعرفه من قدرة للرجل على احداث التغيير الحقيقي في المؤسسة التي تسند ادارتها اليه، لا عبر حزم إداري، بل عبر رؤية فكرية متجددة ورصينة.

بالأمس علمت بتعرض الأستاذ حواتمة الى إعتداء جسديٍّ من مذيع في التلفزيون، بحسب ما أورد الزميل العزيز والصديق الحبيب باسل رفايعة الذي كان مشواري في "الرأي" ابتدأ معه وبفضل من ثقته ومحبته.

في هذه الوقفة القصيرة أنتصر للأستاذ حواتمة في محنته، فذلك أساسي وواجب، بل أراه  انتماء لكل قيمة رفيعة وحلم بمسار حر وكريم للصحافة والثقافة في بلداننا.

سيدي جورج حواتمة: في وقت عسير كنت حرا وكريما مع فكرتنا المناهضة للطغيان، فكان لزاما علينا ان نوفيك بعض حقك، ولو عبر "أضعف الإيمان": بعض كلمات عرفان.



 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM