إيفوني إيلمان: بغداد 1977 - واشنطن 2004

تاريخ النشر       26/08/2016 06:00 AM


علي عبد الأمير

نحن الآن في بغداد تحديدا في آواخر 1977، بل في ليلة العام الأخيرة، التي كانت ليلة فيلم "حمى ليل السبت"، حين حمل أحد الأصدقاء أسطوانة الفيلم ذائع الشهرة في معظم عواصم الغرب وتحديدا في نيويورك ولندن. 

كانت الأغنيات الناجحة في الفيلم التي صاغها فريق البيجيز فضلا عن موسيقاه، قد وصلت الى بغداد قبل ذلك مسجلة عبر أشرطة الكاسيت، ولكن متعة ان تكون على اسطوانة بنقاء صوت خرافي وبغلاف هو صورة من الفيلم يجسدها ممثله غير المعروف (حينها) جون ترافولتا، فهي متعة حقيقية. 



في الإسطوانة ما هو جميل من النغم غير الذي غنّاه باري غيب وأخوته ضمن فريق "البيجيز"، ومنها أغنية "مور ذان أوومان" التي جاءت بصيغتين، الأولى بصوت باري وأخوته، والثانية وهي الأجمل عندي بصوت فريق " تافاريس"، كذلك الأغنية الطويلة "ديسكو انفيرنو" ولكننا كمبتهجين في ليلة قد تكون من بين آخر ليالي العراق البهيجة حقا، استمتعنا حد الجذل بأغنية "If I Can't Have You" او "اذا لم أحظ بك"، فهي تحقق لنا في تلك الليلة العاصفة بالبهجة والصخب الروحي، عصفورين بحجر، فهي أغنية من إيقاع الديسكو الذي هز العالم مثلما هي جاءت بصوت غاية في العذوبة والرقة المجروحة حسب اداء المغنية إيفوني إيلمان.


خرجنا من الحفل الجميل في وجه الصبح، وظلت أنغام أغنيتين تدور في أسماعنا، الأولى هي " كم هو عميق حبك" أو " How Deep Is Your Love " لفريق البيجيز والثانية كانت للنجمة التي داعبت أحلامنا "الهيبيزية" ونحن في اعدادية المأمون حين عرفناها متمردة صغيرة وهي تؤدي دورها في المسرحية الغنائية المثيرة للجدل "المسيح بوصفه سوبر ستار".


وفي الوقت الذي كان صوتها يوصلنا حد الجذل في أغنيتها الجميلة حقا، كانت أيفوني ترسخ اسمها في عالم موسيقى الديسكو والبوب عموما، إلا انها لاحقا صدمت الكثير من محبي طريقتها الروحية في الغناء، حين قررت التوقف عن الغناء والإنصراف الى طفليها وعائلتها، دون نسيان أغنيتها الجميلة الأخرى " أحبني رجاء" أو " love me please".


إيفوني إيلمان بين زمنين: 1977-2004


وفي العام 2004، ومع أول أيام وصولي الى أميركا للعمل والإقامة، توقفت عند اعلان لفقرة

 من برنامج موسيقي- غنائي في قناة " أم تي في" ولم اصدق ان الحدث سيعيدني الى الليلة

 الخرافية ذاتها، فهو يتضمن فقرة تغني فيها إيفوني، تلك الأغنية الساحرة ذاتها.


لكن هذا ما حصل حقا، ليس مجرد الإختلاف بين مظهر المرأة المتمردة لإيفوني والأخرى

 الناضجة، بل هو كون ما أثارني حد الدمعـ  فمن أظهروا مشاعرهم بقوة تأثرا في الحفل (حبا

 وجذلا ورقصا ونشوة)، هم رجال ونساء من عمرنا، من عمر أولئك الحالمين في بغداد ليلة

 1977/1978 يوم كانت الحياة واعدة والأحلام ممكنة.


*من كتاب بعنوان "بين التشارلستون والدشداشة- قصة النغم الغربي في العراق 1950-1990" .



 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM