نقد أدبي  



الشعر العراقي في المنفى و وعي المنفى: جيل الثمانينيات نموذجاً (1-3)

ِعلي عبد الامير

تاريخ النشر       06/12/2009 06:00 AM


إهداء الى روح الشاعر رياض إبراهيم

خارج الورقة
نحن نلتقي في حيز زماني ومكاني عبر تظاهرة فنية ثقافية هي مهرجان جرش للثقافة والفنون السابع عشر، لنجد أن جانباً من فعاليته مُقام على غير المُعلن بوضوح الحفاوة الشعبية كما في الجانب الآخر من المهرجان، أقصد هنا جانب الشعر والحلقة النقدية وإن هناك خمسة شعراء من العراق تمت دعوتهم للمشاركة في جرش، أربعة منهم يُقيمون خارج وطنهم، وهذا ليس بالمؤشر الإعتباطي بل هو يوفر عنصر الصدقية والحيوية لمتن الورقة ويشكل مدخلاً واقعياً له.
 وحيث تقارب هذه الورقة "الشعر العراقي في المنفى – جيل الثمانينيات نموذجاً" فهي لا تبدو قصية في إستقرائاتها عن علامات (نفي ومنفى) شكلت بقوة ملامح تجربة الشعر العراقي المعاصر، بدءاً من السيّاب والحيدري والبياتي وسعدي يوسف وصولاً الى حَمَلَة شعلة التجديد في الشعر والثقافة العراقية من شعراء جيل الستينيات: فوزي كريم، فاضل العزاوي، صادق الصائغ، سركون بولص، نبيل ياسين، صلاح فائق، شوقي عبد الأمير وغيرهم من الشعراء المنفيين آخرهم حسب الشيخ جعفر.
  ثم إتساع فكرة المنفى ليندرج فيها شعراء من جيل السبعينيات: خالد المعالي, هاشم شفيق، شاكر لعيبي، كمال سبتي، زاهر الجيزاني، وغيرهم. ولأن قسوة وعنفاً جبلت عليهما الحياة العراقية لجهة علاقة السلطة بالمثقف تحديداً، إستمرت بالإتساع دائرة المنفى لتأخذ غير ذلك الإنتظام الجيلي من الشعراء، فدخلها شعراء جيل الثمانينيات ليصبحوا غالبيتهم تقريباً خارج ما يفترض أن يكون مكاناً طبيعياً لفاعليتهم الإنسانية والثقافية خارج وطنهم ودارت عجلة إنتاج الأسباب المؤدية بسرعة لينضم الى ساحة المنفى شعراء وكتّاب جدد من جيل يمكن تسميته بجيل الحصار والجوع بعد أن أصبحت تسمية الجيل الثمانيني مرتبطة بالحرب فصاروا جيل الحرب.
في منفاه مات الجواهري الكبير، في منفاه مات بلند الحيدري، في منفاه مات مصطفى جمال الدين، في منفاه مات شريف الربيعي، في منفاه مات رياض ابراهيم وهناك موتى قادمون.
هل يمكن لكل هذه الوقائع إلا أن تسند للظاهرة (ظاهرة المنفى) عمقاً وتأثيراً قوياً في مشهد الشعر العراقي ومشهد الثقافة الوطنية العراقية ككل؟
وهي بذلك تمنح هذه المحاولة في مقاربة جيل الثمانينيات الشعري في العراق وتحوله الى جيل منفي بالكامل صدقاً في التناول وإن كانت هذه المحاولة تتوزع بين تأريخ الادب والنقد.

الشعر العراقي في المنفى: جيل الثمانينيات نموذجاً
يتصل الادب الذي كتبه المسيحيون اللبنانيون والسوريون المهاجرون بسبب الاضطهاد الطائفي الى بلدان الغرب ومصر لجهة ارتباطه بالجذر القمعي بأدب يكتبه عرب من جميع الاديان والطوائف والبلدان هذه المرة خارج اوطانهم، حيث رحلوا احتجاجاً وإن بدا في اساليب واشكال مختلفة على اوضاع تلك الاوطان وما يعيشه الانسان فيها من ضنك حياتي وفكري.
واذا كان أدب المهجر ناتجاً عن اضطهاد طائفي، فان الادب العراقي المكتوب في الخارج يحيل الى ادب المنفى وهو ليس ببعيد عن ذات الجذر الذي انتظم فيه الاضطهاد الطائفي، ويرتبط به عبر العنت الذي تعرضت له حرية الانسان وحقوقه الاساسية وحرية الاديب والكتابة بشكل خاص.
 الاشكالية في استخدام مصطلح او تسمية او تعبير (المنفى) ان كانت هناك من اشكالية (كما ورد في بعض كتابات من انكره على الادب العراقي المكتوب في الخارج)، تتحد بما تفضي اليه هذه الكلمة من مدلول سياسي لان كلمة النفي بما تحمله من احالة سياسية لم تعد كما كانت في السابق عقوبة تتخذها السلطة بحق معارضيها بل اصبح العكس هو الجاري حيث تمنع السلطة الكتّاب الذين لا يدينون بالولاء لها او تشعر بانهم كذلك بالنوايا تمنعهم من حق السفر وتعمم اسماءهم على الحدود كما حصل مع الكتّاب العراقيين الذين هرب معظمهم بطرق غير شرعية وغامر البعض بروحه من اجل ان يتجاوز الحدود العراقية المحروسة بالقوى المسلحة.
ان كلمة المنفى وفق المحددات المعرفية والسياسية الجديدة تعني فيما تعنيه اختيار البعاد عن الوطن كحل يُرغم عليه الكاتب دفعاً لشر يقع ضده او يتوقعه من سلطته وموقفاً محتجاً على ممارساتها مع الناس ان جعل الكاتب من نفسه معبراً عن آلامهم ومناصراً لقضاياهم، هذا التشخيص يفضي في الحالة العراقية الى تحديد مسؤولية السلطة عن خروج هذا الجمع الكبير من الادباء من بلدهم فهم يشكلون في النهاية معارضة فكرية ادبية وصوتاً يدين سلطتهم، ولا يتجلى موقفهم في اشكال من التعبير الايديولوجي او الانتظام في فعاليات سياسية او توحيد صفوفهم في نقابات مهنية وكلها على درجة من الاهمية المشروعية بيد ان الحاسم فيه كيفية تجلي اعتراضهم في مسرى النص الابداعي وفي الظن انه الاكثر اقناعاً من كتابات السياسيين المعارضين وتقارير الهيئات الدولية ان صح التعويل على الادب والابداع عموماً(1).

أحقاً كل هذا الشعر من العراق؟
ستظل حركة الشعر العراقي في نشاط لا يهدأ ... هذا ما تشير اليه النظرة البسيطة لمشهد الشعر العراقي فكيف بالنظرة الفاحصة والمتمعنة؟
 وعلى الرغم من انشطار هذه الحركة عن بؤرة محددة – مكانية – لكنها لم تزل تتيح الكثير من النصوص التي تستحق النظر اليها باعتبارها دفعا لديناميكية تلك الحركة، فثمة شعر عراقي يتجدد ويغامر ويجرب في عواصم عربية عدة، وشعر عراقي في عواصم المنفى ونصوص وحوارات وملفات ونقاشات وحضور في شتى المنافذ الشعرية ... حتى ليسأل المراقب (المحايد) هل حقاً كل هذا الشعر من العراق؟ والسؤال الطالع من الدهشة والتعجب لا بد انه اغفل حقيقة اساسية، فالشعر في العراق شهد اكبر حركة تجديدية اصيلة، بل ان ما انجزه السيّاب ومجايلوه فتح عصراً جديداً للشعر العربي ككل، وظل هذا الهاجس يحكم الاجيال الشعرية العراقية اللاحقة فلا هوادة كانت هناك مع الشعر الرديء الذي كان ينقرض بحكم التجديدات النصية، وكانت الحركة الثقافية العراقية عموماً تجد في الشعر نقطة ثقلها الاساسية الى جانب النتاج العراقي المهم في المسرح والفن التشكيلي، لا بل ان الشعراء في العراق لم يغلقوا نصوصهم ولا سيرتهم الحياتية في (نخبوية) ضيقة، بل ان النصوص والسيرة الحياتية شهدت انغماساً في الحس الاجتماعي وانكباباً على اقامة اتصال معه، مما جعل للشاعر قوة ذلك الحضور في الذاكرة الاجتماعية باعتباره حاضّاً على الموقف الفكري في الوقائع الحياتية ومدافعاً عن قيم الجمال في عمله الفني ... هذا الارتباط مع الازمات وحال الانغماس في الموقف الاجتماعي من جانب الشاعر جعل اللغة تتباين وتختلف – اي جعل النص الشعري مختلفا – من بؤرة توليدية من مكان يعيش فيه الشاعر العراقي الى مكان آخر...
فالنشاط الذي تميزت به الثقافة المعاصرة في اشكالها التي تعتمد على المشهد او الصورة في العديد من البلدان العربية، والعالم، لم نجده قد حصل في العراق، فمنذ بداية الثمانينيات اشتعلت الحرب مع ايران وما تلتها من تطورات واحداث خطيرة، وانواع الثقافة المعاصرة تحتاج عمليات نمو وتطورا تدريجيا يعتمد حث المرة السابقة لانتاج فن نوعي في المرة القادمة.
وهذا يعني الحاجة الى سياقات وثوابت اجتماعية عبر بناء مستقر وفي حدود الاستقرار ... ولان المثقف في العراق وبمثلما الصورة التي اشرنا اليها في ارتباطه بالمواقف الاجتماعية والتزام فكرة التعبير فنياً عنها، لم يجد تلك البنى الفكرية او الاجتماعية المستقرة وفي محيط هاديء يمكن قراءة آفاقه المستقبلية اعتمادا على مؤشراته الواقعية، لذا توقفت انشطة الثقافة المعاصرة عن انتاج خطابها الابداعي وظلت اللغة باعتبارها توليداً حاضراً وانفعالياً في حدوده الاولى هي الاكثر في حضورها والاكثر في قدرتها على النفاذ من العديد من اشكال الحظر والتي كانت الاسرع عطباً لانها قد تحتاج اشارات توصيل مباشرة الى المتلقي اشارات (صورية) في الكثير منها بينما اللغة – الشعر بالدرجة الاساس – هرب الى الرمز، الى التعمية احياناً، كي يكشف قسوة اللا عدالة في حياة خصصت باكملها كي تنهبها الحروب. هذه القدرة في الشعر جعلت المنفذ الممكن الى الثقافة منفذاً شعرياً ولغته هي القادرة على كتابة تاريخ مسكوت عنه احياناً ومهمل في احايين كثيرة(2).


من غلاف كتاب صدر عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر وضم دراستي المقدة الى مهرجان جرش العام 1998.
 
جيل الثمانينيات الشعري: الحياة في مكان آخر غير الحرب
كان لا بد ان يطلع الثمانينيون من الشعراء في العراق، فالغواية الشعرية في العراق تفعل فعلها الساحر وستظل "تفتك" باجيال لاحقة ... ولكن صادف ان يطلع الثمانينيون بصورة مغايرة للايقاع التقليدي، طلعوا في اولى ايام الحرب العراقية الايرانية وهكذا تشكلت التجربة ثم الوعي والرؤية ... قبلها ثمة انتكاسات متتالية في حرية التعبير الفكري والثقافي مع انهيار الانفتاح الذي شهدته الحياة السياسية والفكرية في العراق اثناء السبعينيات، وطبعت تلك التجربة (الحرب/ انتكاسة الحرية) ملامح الجيل باكمله لا بل انها اسهمت في زيادة (موسم الهجرة الى الشعر) فباتت الاصوات التي تحاول اعلاء صرختها الاحتجاجية ضد الحرب تجد في الشعر (اطاراً) مناسباً لتفريغ (شحنة) ذلك الاحتجاج ومن هنا نستطيع ان نقرأ العدد الضخم لشعراء جيل الثمانينيات في العراق، وزاد العدد (نوعياً) حين افترقت التجارب عن ظاهرة الاندفاع الجماعي في التعبير الشعري وبحثاً عن الحياة (اذ هي في مكان آخر غير الحرب)، نشطت الرؤى وازدادت اللغة في نشاطها ايضاً وعادت العافية الى النص النثري بعد ان تهمش شكل (قصيدة النثر) وفق نموذجها العراقي نقدياً وثقافياً – مؤسساتياً لفترة من 1974 – 1985 ، ومثلما نشطت اللغة – نشطت الذائقات الشعرية ايضاً – فتنوعت التجارب بعد ان نضجت في الفترة التي تلت النصف الثاني من الثمانينيات وصار عندنا من يكتب الشعر في تهويمات لفظية ويكتب في تجريدية صرف او لغة تعتاش على الواقع ويومياته، نصوص تتأثر بما سبقها من تجارب واخرى تتقاطع معها كلياً. وهكذا تجربة مندفعة لا بد ان تجد ما لا يسر من نموذج ثقافي راكد بل هو (محافظ) في بنيته كالنموذج الثقافي السائد في العراق على الرغم من محاولات الاتصال الاستعراضية عبر (المهرجانات) الضخمة، وهكذا قوبلت اتجاهات المغايرة الواعية والاصيلة فنياً برفض وتهميش ثقافي فيما يتم التقاط الاتجاهات الى التقليدية بغية رعايتها ثقافياً "شعراء كتبوا القصيدة الموزونة المحافظة وحاكوا الحرب في اشعارهم لم تكن كتابتهم تستثمر الحرب كموضوع ازلي لتفعيل اسئلتهم عن الوجود، وكانت اللغة بالنسبة لهم وسيلة لا بد منها لامتصاص شحناتهم الانفعالية ازاء عتو وضراوة الحدث هؤلاء تماثلوا مع اتجاه الاساليب الشعرية للاجيال السابقة عليهم(3).
 هكذا تم تلميع صورة الكتابة التقليدية باكثر مما تستحق في ذات الوقت، حين تم الاعلاء من شأن الاسماء الشعرية ذات الصخب في اعلانها عن التحديث الشعري بما يبقي الانطباع في التحول الى ملاحظة (نقدية) تحاول ان تعمم اشاراتها على تجربة الجيل كاملاً.
في النشر انتزعت النصوص حقها بالنشر انتزاعاً، ففي الوقت الذي كانت فيه الدوريات الثقافية العربية تنشر لشعراء الثمانينيات من العراقيين كانت الدوريات الثقافية العراقية تنفيهم وتلقي عليهم رداء الصمت البارد. هذا النفي الى الهامش جعل عموم تجربة الجيل تذهب الى اقصى الجدية لا العكس مما حدا الى (ذوبان الجليد)  النقدي والثقافي في اوخر الثمانينيات، حين شهدت لاحقاً الاعلان الفني لتجربة الجيل،  وما ان بدأت التسعينيات حتى اصبحت المجموعات الشعرية تظهر تباعاً لاسماء من الجيل في بغداد او في منافي الثقافة العراقية.
 ذلك التشتت (المكاني) ساهم في زيادة التنوع ضمن المشهد الشعري الثمانيني العراقي فكانت الموضوعات تجد اكثر من طريقة للنظر نحوها، فتغتني التجارب هنا بتنوعها ولغتها التي دخلت مكونات اخرى في تشكيلها، فكان من بين شعراء (الثمانينيات) شعراء اتصلوا بمعرفة مقصودة او بدونها – بروح الانتفاضة في شعر جيل الستينيات – (شعراء قصيدة النثر منهم تحديداً) اتصلوا بتلك الروح الوثابة المغامرة المتصلة مع الحياة والمفترقة عن معالم الرداءة فيها واختلفوا بقوة مع النموذج المحلي السائد لشعر السبعينيات الذي بدا مسترخياً في العاب شكلية فارغة او نرجسية متضخمة او محاكاة بائسة للواقع اليومي والحياتي.
من معطف التقليدية كانت تخرج اسماء عدة تجد في فضاء الثمانينيات فرصة مناسبة لنموها وانتشارها، فالجو المشبع بالتقليدية والروح المحافظة يرى فيها امتداده الطبيعي وهذه ما ان ظهرت حتى بدأت حملة تشهيرها الفنية بالنص النثري وبمحاولات الاقصاء طبعاً والمفارقة هو ان تجد اسماء في غير الاتجاه التقليدي، نفس المباركة والحفاوة من جهة النقد والرعاية الثقافية، تلك الاسماء غير الاصيلة ذات التناصات الكثيرة مع التجارب الشعرية الاخرى في نتاجها والتي وجدت في معطف التجديد المهرج والمخادع فرصة لها فثمة السوريالية المشبعة بغموض فج وانفتاحات – تناصات – على نصوص تجريبية عربية واجنبية دائماً، وبينما كانت تلك النصوص تمارس تقليديتها تارة واعلانات التحديث الفجة تارة اخرى كانت النصوص الجديدة تجد هامشها فهي دائماً تتعرض لازاحات قسرية، ازاحة القاريء المثقل بالتقليدي والسطحي وازاحة الناقد المحافظ.
 ولانها الحروب تتصل فتنتكس حرية التعبير وتضيق الاحتمالات، وجدنا الكثير من شعراء جيل الثمانينيات تتوزعهم المنافي مما شكل طابعاً آخراً للحرية في الجيل، حيث نشطت شاعرية العديد من الاسماء وتنوعت مصادرها الفاعلة وتحدثت مرجعياتها، فيما استسهل الامر من يرى في الشعر مجرد صرخة تؤشر للحاجة او للعوز فما ان انتهى هذا ... انتهى الشعر ايضاً! والنصوص عنده فسحة حرية مستعارة وليست مكتسبة بالقوة الشخصية والدأب الجهيد .
 قلة هم الذين ينتمون الى روح التجديد في النص الشعري الثمانيني، القلة هم الذين عبر نصوصهم كانوا يشبهون انفسهم لم يعلنوا فيها ادعاءات التجديد الزاعقة والانقطاعات الخارقة عن الموروث، نصوصهم تتصل بالاوبئة المحلية، بالجروح التي تطير اليهم من كل ارض وارواحهم تعيش محنة القول شعراً في وقت استباح فيه الكلام متعهدو النخاسة الشعرية، لغتهم بقدر ما هي (تؤرخ) الجروح، بقدر ما تحاول اقاليم جديدة في فعلها الشعري ... فيها من الراهن قدر ما فيها من ذهن يختصر في اكتشافاته حكايات الواقع واليومي.
* الجزء الاول من ورقة نقدية قدمتها الى ندوة الشعر في مهرجان جرش العام 1998 وضمها كتاب صدر لاحقا في العام التالي عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر.


 

 

 

Copyright ©  Ali Abdul Ameer All Rights Reserved.

Powered and Designed by ENANA.COM